الحزب السوري القومي الاجتماعي
حزب نهضة أمة تُطَوِّر القوانين
وليس حزب قوانين
تتلاعب بالتعاليم وتشوّهها
مقالة تنتقدني
وصلتني رسالة من الرفيق العزيز طه غدارالمحترم في 19/09/2016 بالبريد الالكتروني ينتقد مقالتين من المقالات التي كتبتها رداً على بعض الرفقاء الاعزاء فيما يتعلق بدستور الحزب السوري القومي الاجتماعي يقول فيها :” توقفت ملياً عند مقالتيك المؤرختين في 4 و7/8/2016، لاسيما ما تناولته فيهما حول الشأن الدستوري. وقد تبين لي أنها تتضمن عدة مغالطات سأحاول تناولها“.
مقالتان توافق رأي
وكذلك قرأت مقالتين واحدة للأمين أحمد اصفهاني الجزيل الاحترام نشرها في 24/08/2016 يوافقني فيها على ان طبيعة الحزب السوري القومي الاجتماعي لا تحتمل وجود معارضة داخلية فيه حيث قال :” طبيعة الحزب السوري القومي الاجتماعي، من حيث كونه منظمة عقائدية نهضوية في الأساس،لا تحتمل وجود معارضة داخلية. فالعقيدة القومية الاجتماعية كفلت لمعتنقيها وحدة الروح أولاً، والأشكال الدستورية التنظيمية كفلت لأعضاء الحزب وحدة الاتجاه ثانياً. وأي خروج على وحدة الروح ووحدة الاتجاه يعني الخروج على الاجماع القومي الاجتماعي. كما أن أي خروج على واحد من هذين الأقنومين، خصوصاً وحدة الروح، يعني التخلي عن جوهر النهضة. ولا مجال للغموض أو المساومة هنا”.
والمقالة الثانية في 01/09/2016 للرفيق العزيز نايف معتوق يوافقني أيضاً على ان ليس في الحزب السوري القومي الاجتماعي معارضة قائلاً ” ومن يدرس بدقّة حقيقة العقيدة والحزب لا يعثر إطلاقًا على ما يسمّى معارضة في الحزب، اللهمّ إلّا عند أولئك الذي حاصرتهم فرديّاتهم ومنافعهم الخصوصيّة، هؤلاء يدّعون القوميّة ولا علاقة لهم بها. وعدم العثور على هذا المصطلح “معارضة في الحزب” في عقيدة الزعيم، هو أمرٌ طبيعيّ لأنّ للحزب السوري القومي الاجتماعي منطلقاتٍ وأسسًا وقواعدَ تميّزه عن سائر الأحزاب، وتضعه في دائرة الفرادة والتميّز.”
المقالات التي سببت الانتقاد والموافقة
والحقيقة انني كتبت اربع مقالات تناولتُ فيها اربع مسائل هي التالية :
المقالة الأولى – ليس في الحزب السوري القومي الاجتماعي ما يسمى معارضة وموالاة بل ممارسة حقوق وواجبات وصلاحيات
في 27/07/2016
المقالة الثانية – الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يقول بمبدأ فصل السلطات بل بمبدأ تعاون السلطات في 03/08/2016 .
المقالة الثالثة – دستور الحزب السوري القومي الاجتماعي تعاليم وقانون والتعاليم فوق القانون لا تحته في 07/08/2016 .
المقالة الرابعة – الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يقول بحريات فردية وفئوية بل بحرية المجتمع والحقوق الفردية في 19/08/2016 .
لقد تناوت في مقالاتي التي كانت بشكل رسائل الى رفقاء أعزاء او ردود على وجهات نظر رفقاء، ولم يكن في خلدي ان اتناول أي رفيق يخالفني الرأي بأي سوء . لأن من الطبيعي ان تكون هناك آراء متعددة متوافقة في بعض الجوانب ومتخالفة في بعضها . وليس من الضروري أن تكون الآراء ووجهات النظر كلها متوافقة أو متخالفة. كما أنني لست من الذين يتعصبون لآرائهم وأفكارهم بل من الذين يتصدون للمفاهيم وألآراء والأفكار عندما يجدون فيها ما يتناقض مع فهمهم لحقيقة العقيدة السورية القومية الاجتماعية وحقيقة العمل لانتصارها بحسب استيعابي المتواضع وفهمي البسيط للعقيدة السورية القومية الاجتماعية . وفي الوقت نفسه فاني من الذين يقبلون الآراء والمفاهيم عندما تتناغم مع فهمهم الذي لا يصب الا في خدمة امتهم كما يفهمون .وذلك استنادا الى قول الزعيم سعاده في محاضرته الأولى حيث يقول :” أما التكلم المبعثر على فولتار وموليار ولنكلن وهيغل ووليم جايمس وكانت وشوبنهور …الخ . وعلى مختلف المدارس الفكرية ، بدون أن يكون لنا رأيّ وموقف واضح في تلك الأفكار وأولئك المفكرين ، فلا يعني أن لنا نهضة. إن ذلك لا يعني الا بلبلة وزيادة تخبط . ان الفكر البعيد عن هذه القضايا هو أفضل من الفكر المضطرب المتراوح الذي لا يقدر ان ينحاز أو ان يتجه ، لأنه متخبط وليس له نظرة أصلية، ولا يدرك ماذا يريد .”
وكوني عضو في الحزب السوري القومي الاجتماعي يحمّلني مسؤولية الانحياز لقضية نهضة الأمة السورية ونشر وتعميم مفاهيمها
فقد عرضت في مقالاتي ما توصل اليه فهمي بالنسبة للنقاط الأربع التي هي : ” لا معارضة وموالاة بل حقوق وواجبات وصلاحيات .” والنقطة الثانية ” مبدأ تعاون السلطات لا الفصل بين السلطات .” والنقطة الثالثة “دستور الحزب تعاليم وقانون والتعاليم فوق القانون. والنقطة الرابعة ” لا حريات فردية وفئوية بل حرية المجتمع والحقوق الفردية.”
وقد شرحت في المقالات المذكورة آنفاً تلك المسائل لتكون مواد تدارس ونقاش بين الرفيقات والرفقاء دون تعصب لرأي فردي بل بعصبية لقضية الأمة السورية ونهضتها. وأعتقد ان الفرق واضح بين عصبية الأمة ، والتعصب الفردي والفئوي .
الانتقاد الموجه لمقالاتي
وعلى مقالتين من المقالات الآربع كان انتقاد الرفيق العزيز طه غدار حيث قال في رسالته :” قد تبين لي أنها تتضمن عدة مغالطات في الشأن الدستوري سأحاول تناولها “.
سررت جداً لهذا القول لأن رفيقاً قومياً اجتماعياً قد اكتشف في مقالاتي التي تناولت فيها النقاط الأربعة بعض المغالطات أو الأخطاء التي يمكن ان تساعدني على تصحيحها وتجنبها مستقبلاً في مقالات أخرى لأن القومي الاجتماعي في الحزب مسؤوليته الكبرى ان يصحح ويتجنب الأخطاء الى أقصى الحدود الممكنة تعميقاً للفهم وخدمة للنهضة والأمة .
ورد في مقال الرفيق العزيز طه غدار هذه الفقرات :” ولن أتوقف أمام كلماتكَ اللاذعة والعديدة حول ما نسبته “للمعارضة”. وأعتقد أن جواب الرفيق العزيز شحادة الغاوي كافٍ لهذه الناحية. فقد كنت قاسياً لدرجة وصفها بأشنع وأقبح و… و… الصفات والمواصفات. رغم عدم توجيه أي لوم للإدارة الحزبية“وورد أيضاً في مقالته : “وفي ختام مقالتك الثانية،تتحدث عن أن وجود هذه”المعارضة” هو حالة مرضية؟ ولا تأتي على أسباب غياب الحزب عن مجتمعه “الحراك الشعبي في لبنان مثالاً”
لا أدري ما دفعك لكل هذه الأقوال البعيدة عن أي منطق. وتنصيب نفسك محامي دفاع عن إدارة حزبية أرهقتنا بمفاسدها. وقد سبق ذكر بعض مفاسدها.
فهذه ليست أول “معارضة” في تاريخ الحزب، ولن تكون الأخيرة إذا استمر فساد الإدارات الحزبية. ويمكن في هذا المجال ذكر كل من الأبطال فؤاد الشمالي وكمال خير بك ومحمود عبد الغفور الذين أسسوا وعملوا في منظمة”أيلول الأسود”.كما نذكر الشهيد الدكتور وسيم زين الدين الذي أحال كل قيادات الحزب السابقة إلى المحاكمة الحزبية.”
نستنتج مما ورد في مقالة الرفيق العزيز طه غدار أموراً واضحة أولها اتهامي بانني استعملت كلاماً لاذعاً وأقوالي بعيدة عن المنطق. وثانياً انني نصّبت نفسي محامياً عن ادأرة حزبية فاسدة أي عن الفساد . وثالثاً نعتُ المعارضة بحالة مرضية . ورابعاً بان هذه المعارضة سليمة . وخامساً بأنني لم أوجّه اللوم للادارة الحزبية على فسادها وعلى غيابها عن الحراك الشعبي في لبنان ويذكر بعض الأسماء الذين لبطهم البغل على حد تعبير الأديب القومي الاجتماعي سعيد تقي الدين الذي كما يدّعي ان الرئيس الأمين اسد الأشقر فصله كرمى لعين شمعون، ويذكر بعض اسماء الرفقاء امثال فؤاد الشمالي وكمال خير بك ومحمود عبد الغفور ووسيم زين الدين ” ابو واجب ” ويؤكد على ان هذه المعارضة ليست اول معارضة ولن تكون الأخيرة بل يبشرنا باستمرار حركات المعارضة في الحزب اذا استمر فساد الادارات الحزبية .
اهمال التعاليم واللجوء الى القوانين
الملفت للنظر أن الرفيق طه غدار أهمل أو تجاوز الموضوع الأساس الذي طرحته في مقالي وهو أن :” ليس في الحزب السوري القومي الاجتماعي ما يسمى معارضة وموالاة بل ممارسة حقوق وواجبات وصلاحيات”. وبدلاً من أن يناقش الموضوع من زاوية التعاليم العقائدية التي تتناول تعاليم المعلم سعاده القومية الاجتماعية، وهل يجوز ان تقوم القومية الاجتماعية على تناقض المعارضات وتفريخ “القوميات الاجتماعية المتعارضة ” ضمن الحزب الواحد او انها تقوم على وحدة الروحية النظامية القومية الاجتماعية التي هي الأساس في الحزب الذي أسسه سعاده ، فقد تجاهل الموضوع بالمرة وتغلبت فيه ثقافة المحاماة والدراسة القانوية التي يعمل بموجبها المحامون في دفاعاتهم عن موكليهم ليحصلوا بذلك على حكم براءة حتى ولو كان موكيلوهم مخطئين أو مجرمين . فلم يتطرق أبداً الى موضوع :” هل تعاليم الحزب تقبل بمعارضة او معارضات داخله أم لا تقبل التعاليم بمعارضات لأنها تقوم أصلاً على وحدة الروحية النظامية ” ؟ وجل ما فعله في رده العنيف على مقالتي هو الدفاع عن المعارضين وهو رد هجومي انفعالي جعله ينطلق من القانون في مواجهة التعاليم وهذا بالنسبة لأبناء التعاليم عجز فاضح عن فهمها الفهم الكامل والصحيح لأن الحزب الذي أسسه سعاده هو حزب تعاليم تخدمها القوانين لا حزب قوانين تتلاعب بالتعاليم . انه حزب نهضة سورية قومية اجتماعية تعمل لانقاذ الأمة السورية بشكل واضح وصريح لا حزب مهاترات قانونية كلامية تتوالد من جرائها الفرق المتقاتلة والفئات المتضاربة النزعات ، والعصابات الاعتباطية التي تزيد البلبلة والفوضى وتخدم الأعداء . وهذا هو السبب الذي جعل الرفيق طه لا يتصرف كرجل تعاليم بل يتصرف كمحامي عن المعارضين ويريد شرعنة معارضتهم والتوصل الى حكم يدين الحزب بالفساد بغية القضاء عليه تماما كما حصل مع الحاخامت الذين بعد ان عجزوا عن مواجهة تعاليم السيد المسيح بتعاليم أرقى واجهوه برجال القانون وتأليب الحاكم عليه واحالته الى الصلب.
من المعروف والمألوف ان المناقشات القانونية وتدارسها يحصل في جو من الهدوء وفي مناخ من الراحة وتبادل الآراء، وتقديم وجهات النظر، والأخذ والعطاء للتوصل الى الفهم الأعمق والنتائج الأصلح .
أما الحالات الصعبة الصاخبة المليئة بالفوضى والأزمات والأخطار فهي أفضل الحالات والظروف لتسرب وتسلل العناصر المخربة الى صفوف المتناقشين والمتحاورين. ولذلك ليس من المستغرب ان تهوج المعارضات والتحشدات في هذا الوقت العصيب الذي يخوض فيه الحزب السوري القومي الاجتماعي الى جانب حلفائه المعارك على أرض الكيان الشامي للمحافظة على وحدة الشعب والارض والسيادة مقدماً ازكى الشهادات .
وهيجان المعارضة لارباك قيادة الحزب ليس له تفسير آخر سوى مناصرة الأعداء صهوينيين وتكفيريين ومستعمرين استعباديين . فاذا كان هذا ما تريده المعارضة في هذا الوقت العصيب فهي معارضة مجرمة ويجب محاربتها كمحاربة ألاعداء . أما اذا كان المعارضون بالفعل سوريين قوميين اجتماعيين فعليهم ان يلتحقوا بصفوف نسور الزوبعة الأبطال الذين يدافعون بدمائهم عن بنية الحزب ،ووحدة روحيته النظامية العقائدية النهضوية، وعن كرامة وسيادة الأمة السورية .
الحرب مصيرية في داخل الحزب
لم يعد سراً ان أعداءنا استطاعوا ان ينفذوا الى داخل الحزب السوري القومي الاجتماعي ليفجروه من الداخل ” باسم سعاده وباسم العقيدة وياسم المباديء وباسم النظرة الى الحياة والكون والفن ” تماما كما يقوم المجرمون على ارض الهلال السوري الخصيب باقتلاع العيون، وبقر البطون ، وأكل الأكباد ، وقطع الرؤوس ، وتدمير الحياة باسم ” الله أكبر وباسم النبي محمد وياسم الشريعة الاسلامية “.
انها معركة بين التعاليم السورية القومية الاجتماعية التي هي فوق القوانين وتسن القوانين لخدمتها وخدمة الأمة السورية وبين القوانين المبهمة المطاطة والنصوص المضللة التي تسعى لتسخير التعاليم السورية القومية الاجتماعية لأغراض شخصية خصوصية انانية وفئوية تصب كلها في خدمة الأعداء . انها حرب مصيرية بين تعاليم وحدة الروحية السورية الراقية في حزب الأمة السورية وبين قوانين تخدير الروحية النظامية العقائدية، ونصوص مضللة تسربها مكاتب وأجهزة المخابرات الدولية لتستخدم التعاليم وتسيّرها كيف تشاء بغية تفجير القلاقل والبلبلة داخل الحزب .
لقد كان المعلم سعاده واضحاً تمام الوضوح عندما قال : ” إنّ المبادئ الأساسية، الّتي تشكّل التعاليم الرئيسية للحزب، هي الشيء الثابت الراهن، الراسخ . وما بقيّة موادّ القوانين إلاّ وسائل علمية قابلة للتغيير والتحوير” . والمؤامرة واضحة وهي ان تتحول القوانين المبهمة المطاطة الى شيء ثابت راسخ وأن تصبح المباديء الاساسية التي هي التعاليم السورية القومية الاجتماعية وسائل قابلة للتغيير والتحوير ومادة رخوة عجينية يشكلون منها وبها الالعاب والأشكال والمجسمات التي توافق أهواءهم ومنافعهم . هذه هي الحقيقة التي يجب ان يتنبه لها أصحاب العقول النيّرة والمدارك السليمة .
ولزيادة الايضاح وتأكيده أورد هذا النص للمعلم سعاده حيث يقول: ” نحن اليوم لا نقدم للناس نظريات في الحياة . نحن اليوم نقدم للناس أمة حية، تتحرك، تتكلم، تتعاطى، تأخذ وتعطي، تحتك بالكون حولها، ومع ذلك لا يصدقون .”
نعم ان النظريات والتنظيرات ونصوص القوانين وموادها وقراراتها ومراسيمها وفقراتها ليست الأصل الثابت الراسخ على الأيام والعقود والقرون والعصور، بل ألأصل الثابت الراسخ هو التعاليم الحياتية التي هي الحياة التعاليمية التي يقدمها الحزب السوري القومي الاجتماعي أمة حيّة لا ترضى الا مكانها الطليعي بين الأمم.
الانتقاد ركّز على الفساد في الحزب وقانونية المعارضة وشرعنتها
المهم في كلام الرفيق طه غدار نقطتان اساسيتان بالنسبة للنقاط الأربعة التي طرحتها في مقالاتي ولم يناقش أي واحدة منها . هاتان النقطتان هما ادعآن مفضوحان : الفساد في الحزب ليبرر وجود معارضة لأن الحزب بنظره كما ذكر في مقاله هذا القول : ” إن جسمنا القيادي قد إعتلّ، وأصبح موضع اتهام” وليبرر بهذا القول على ما اعتقد خطأ المبدأ الذي طرحته في مقالي ان ” ليس في الحزب السوري القومي الاجتماعي ما يسمى معارضة وموالاة بل ممارسة حقوق وواجبات وصلاحيات “ورأيه جازم على ان في الحزب معارضة بل معارضات ومعارضات مستمرة .غير آبه ومتمعن بما طلبه منا سعاده في خطاب أول آذار 1943 بقوله: “يجب على السوريين القوميين الاجتماعيين أن يلتفّوا حول نهضتهم وأن يقفوا موقفًا واحدًا بقيادة واحدة ليحرزوا الحقوق الّتي تطالب بها حركتهم القومية الاجتماعية”
ورغم قوله بأن المعارضة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ، فانه يغيّر رأيه ويقول : ” وما هو قائم حالياً ليس “معارضة” لإدارة حزبية… أبداً بل مواجهة كل المفاسد التي تسربت إلى الحزب منذ استشهاد سعاده.”.
لا أدري كيف يوفّق المنطق السليم بين ان تكون معارضة ومعارضة مستمرة وأن لا تكون معارضة في الوقت نفسه . أعتقد أنه اعتبر القول بأن ” ليس في الحزب السوري القومي الاجتماعي ما يسمى معارضة وموالاة بل ممارسة حقوق وواجبات وصلاحيات ” من الأقوال البعيدة عن المنطق السليم في الوقت الذي اعتبر ان المنطق الازدواجي بالقول : ” المعارضة ليست معارضة ” هي المنطق السليم . وهذا يعني ان النور بنظره ليس نورأ أو ان الظلام ليس ظلامأ أو أن الحق ليس حقا أو ان الباطل ليس باطلاً . واني أشك بأن يقبل العقل السليم هذا المنطق الذي يصير بحسبه الفساد ليس فساداً ولا الصلاح صلاحاً بينما نجد ان حركة المعارضة حسمت الأمر وقررت أن المعارضين صالحون وألاعضاء المركزيين فاسدون لأنهم تقبلوا ويعملون تحت أمرة قيادة فاسدة .
لكن المستغرب ان نفهم كيف يسمح الصالحون لأنفسهم أن يتوحدوا مع الفاسدين ؟ وكيف يدعون الى وحدة القوميين الذين ثبت بمنطق المعارضين انهم وحدهم اصحاب الحق واصحاب الصلاح بينما المركزين في كل واد من الفساد والاعتلال يهيمون ؟
ان القول بالمعارضة وليست معارضة بل مواجهة هو في الحقيقة اعلان حرب . وعلى من يعلن الحرب عليه ان يعرف كيف يخرج منها منتصرأ أو بأقل التكاليف ، وعليه أيضاً ان يتحمّل تبعات الدفاع كما حمّل غيره تبعات هجومه .
الاتهام بالدفاع عن الفساد
يقول الرفيق طه غدار انني “نصبّت نفس محامياً عن ادارة فاسدة واستعملت كلاماً لاذعاً واعتبرت المعارضة في الحزب السوري القومي الاجتماعي حالة مرضية ولم أوجّه اللوم للادارة الحزبية الفاسدة على فسادها وعلى غيابها عن الحراك الشعبي في لبنان.”
اما بالنسبة للكلام اللاذع فاني أقول انه ليس من حقي أن استعمل أي كلام لاذع بحق اي مواطن فكيف اذا كان رفيقاً.اما الكلام اللاذع الذي يمكن استعماله فهو في وجه كل من يسعى الى البلبلة في أوساط الحزب وكل من يعمل لتخريب الحزب كائناً من كان ،عملاً بكلام سعاده الحكيم : ” ما أعطي لأحد أن يهين كرامة أحد ” . أما بالنسبة لاتهامي بانني نًصّبت نفسي محامياً عن الفساد فهذا يعني انني فاسد والفاسد هو الذي يدافع عن الفساد . وهذا بالضبط هو رأي الرفيق المعارض طه غدار الذي هو انموذجا عن المعارضة التي قلت عنها انها حالة مرضية، تلك المعارضة التي أصابتها عدوى الحراك الشعبي وحراك الجماهير فأرادت ان تنقل تلك العدوى الجرثومية الخبيثة الى داخل صفوف الحزب لتعبث بالعقيدة والنظام والمناقبية الاخلاقية السورية القومية الاجتماعية.
ان الرفيق السوري القومي الاجتماعي عندما يُتهم بحماية الفساد والدفاع عن الفساد يعني ان المدرسة التي تعلّم فيها هي مدرسة تعليم فساد وتربية فساد وتخريج فاسدين، وأن مؤسسها كان قصده الفساد وافساد المجتمع . وصاحب الاتهام يعتقد او يظن انه هو وحده او من يقول برأيه قد نجا وينجون من الفساد . فهل كان سعاده مؤسس مدرسة فساد وافساد وظهرت المعارضة اليوم لتنقذ المجتمع من الفساد ؟ وهل التعاليم السورية القومية الاجتماعية هي تعاليم فاسدة افسادية او فيها بذور الفساد وجاءت المعارضة لتستئصل بذور الفساد منها ؟
مدرسة سعاده مدرسة تعاليم راقية
لقد أسس المعلم سعاده مدرسة تعاليم جديدة راقية لتخرّج طلبة راقين في مفاهيمهم . راقين في علومهم . راقين في فنونهم . راقين في ابداعهم . راقين في روحيتهم . راقين في نظاميتهم . راقين في مناقبيتهم . راقين في سلوكهم . راقين في تضحياتهم . راقين في بطولاتهم ولم يؤسس أبداً مدرسة يقال عنها جديدة في تجديد الجهالات والجاهليات , وحديثة في تحديث النزعات المريضة , وعصرية في عصرنة التكفير والشتائم .
ان المعلم سعاده أسس حزب مدرسة حياة جديدة صالحة للنهوض بالحياة ورقي الحياة ولم يؤسس مدرسة او معهد اوجامعة لتعليم القوانين والوسائل القانونية لاستغلال الثغرات التي ينفذ منها المحامون والقضاة والمتشرعون ليحتالوا عليها لمصالح ومنافع موكليهم .
المعلم سعاده أسس مدرسة تعاليم وليس مدرسة قوانين
ان مدارس وكليات وجامعات تعليم القوانين والدساتير كثيرة في العالم والاجتهادات الدفاعية عن الحقوق وهي لطمس الحقوق نادراً ما كانت عادلة ولا طبقّت حكم العدالة . والمحكمة التي حكمت على سعاده بالاعدام في الثامن من تموز ووقع قرارها رئيس جمهورية لبنان في التاسع من تموز هي خير دليل وبرهان على ضياع العدالة وفساد القوانين وسخافة التنظيرات .
ان سعادة لم يؤسس مدرسة قوانين لتخدمها التعاليم بل أسس مدرسة تعاليم لتخدمها القوانين والسياسات والاجتهادات وجميع التصرفات . ان المعلم سعاده لم يؤسس مدرسة تخرّج أنانيات فردية ولا فئويات تجمهرية وقد ذكر حالة التجمهر في كتابه نشوء الأمم في فصل الاجتماع البشري ” ان أفراد جماعات النحل والنمل فاقدة الحيوية الجنسية واجتماعها حول ملكاتها انما هو تجمهر مقيّد بخاصية حفظ النوع فقط “. ونحن في الحزب يجب علينا ان نتوحد بعامل وحدة الروحية النظامية لتنهض الأمة السورية بكل اجيالها وليس لنتجمهر كالنمل والنحل من أجل استملاك او اغتصاب او السيطرة على مرقد عنزة في لبنان . ولا لندافع عن مادة قانونية ولا لنرضي تحشدات وتجمهرات لا نعرف من هو محرّكها .
ما أعطي لأحد اهانة كرامة أحد
هنا أحب أن أضيف على كلام سعاده الحكيم المتقدم ومن وحيّ فكر سعاده في قوله :” ما أعطي لأحد أن يهين كرامة أحد ” فأقول ” ما كُتب ولا فرض على أحد أن يقبل الاهانة من أحد ” ليستقيم القول : ان الذين يبثون الفتن والاشاعات والشائعات ويتلاعبون بالعواطف قليل عليهم حتى قطع السنتهم. وقطع الألسنة يعني في مفهوم التعاليم السورية القومية الاجتماعية والنظرة الى الحياة والكون والفن هو في منعهم من استغلال منابر الحزب السوري القومي الاجتماعي من التكلم باسمه استناداً الى قول الزعيم سعاده : ” إن من أشد العلل التي يحاربها النظام القومي الاجتماعي خبثاً وخطراً ، علة التلاعب بعواطف الجماهير وتسخيرها للمآرب الخصوصية .”
ان من حق الرفيق السوري القومي الاجتماعي أن يبدي رأيه مهما كان وان يقدّم شكوى بحق أي رفيق أو مسؤول ويسميه وحتى لوكانت الشكوى على الزعيم نفسه ولكن لاحق له أبداً أن ينال من هيبة الحزب أو أية مؤسسة من مؤسساته. والفرق واضح بين رأي وشكوى ضد رفيق معين أو رفقاء وبين الحزب الذي هو واحد رغم الادعاء بأنه صار أحزاباً .
الحزب واحد والمخطئون أحزاب
فالذي صار أحزاباً ليس الحزب بل الرفقاء المخطئون هم الذين صاروا أحزاباً . ومن حق أي رفيق أن يخطيء ويبقى على خطئه اذا لم يكتشف خطأه ولكن ليس من حقه بعد اكتشاف الخطأ أن يستمر مخطئاً . فلا الأمين جورج عبد المسيح خان التعاليم ولا الذين انضموا اليه . ولا الأمين عصام المحايري أيضاً خان التعاليم ولا الذين ساروا معه . ولا بعض الذين اعترضوا وشكلوا معارضات كذلك خانوا التعاليم ولكنهم في معالجاتهم أخطأوا حين ظنوا انهم وحدهم يملكون حصرية الفهم وحين نفذ صبرهم في المعالجة ، وبقي المعلم سعاده هو هو وحده القدوة التي علينا ان نقتدي بها في معالجة الأمور عملا بقوله السديد:” انكم ملاقون أعظم انتصار لأعظم صبر في التاريخ “.
مقاطع من رسالة الانتقاد
يضيف الرفيق طه في سرديته عن الفساد والاعتلال في الحزب وقياداته فيقول:
1-“ إن جسمنا القيادي قد إعتلّ، وأصبح موضع اتهام”
2 – ” لقد رسبنا لتاريخه في تقديم نموذج عن فكر سعاده الاجتماعي والسياسي. فبعد 84 عاماً على وجودنا في لبنان، ليس لدينا “مرقد عنزة” فيه… هذا مخجل… وتقصير فاضح”
3 – ” باختصار، هذه “المعارضة” انطلاقاً من إيمانها أن تعاقدها مع سعاده يلزمها مواجهة كل المفاسد تتابع عملها رغم كل نقيق الضفادع غير مستسلمة ولا متراجعة حتى نعود جميعاً إلى الحزب الذي أسسه سعاده وقدم نفسه قرباناً لتعود سورية إلى ماضيها المجيد.”
4 – “ أقول لم نستطع أن نقدم نموذجاً.باختصار رفيقي العزيز، وبحسرة أقولها، لم نكن المثال المحتذى كحزب في مجتمعنا السوري كله. 84 عاماً مرت على تأسيس الحزب، ولم يستطع هذا الحزب الذي صار أحزاباً، والقسم الأكبر من القوميين محبط في منزله من جراء الفساد المستشري في جسمنا”
من حق الرفيق طه والذين معه ان يتكلم باسمهم اذا منحوه تفويضاً بذلك ان يقول : ” جسمنا معتل . ورسبنا ، ورسبنا في تقديم نموذج عن فكر سعاده الاجتماعي والسياسي ،ومن حقه أيضاً ان يقول لم نستطع أن نقدم نموذجاً يحتذى ، ويقول ايضاً باسمه وباسم شلة المعارضين انهم محبطون في منازلهم من جراء الفساد المستشري في جسمهم ” ولكن ليس من حقه أبداً ان يعمم الاحباط والفساد والتقصير على جميع الرفيقات والرفقاء السوريين القوميين الاحتماعيين الذين أثبتوا في كل المواقف والساحات أنهم جنود هذه العقيدة السورية القومية الاجتماعية العظيمة ولا يزالون .
المعالجة بحسب رأي المعارضين
هذا هو الحزب السوري القومي الاجتماعي في نظر أحد المعارضين أو قادة المعارضة 🙁 جسمه القيادي معتل ، وهو موضع اتهام ، والقوميون الاجتماعيون رسبوا في تقديم نموذج عن فكر سعاده ، وتقصيرهم مخجل وفاضح لأنه ليس لهم مرقد عنزة في لبنان ، والحزب صار أحزاباً والقسم الاكبر من القوميين محبطين في منازلهم . ومهام قادة المعارضة شفاء الحزب من علله ، وتبييض صفحـته وازالة الاتهام عنه ولكن لم يحدد حشد المعارضة أمام من يكون تبييض صفحة الحزب ، وتقديم نموذج عن فكر سعاده كما استذوقوه، والعمل على تشريفه وازالة الخجل بامتلاك “مرقد عنزة في لبنان ” ، وتوحيد احزابه وترؤسهم وتخليص المحبطين من الاحباط ثم تقوم المعارضة بقيادة الحزب على أساس المشروع الذي طرحته حركة ” قسم ” وتتبناه مؤخراً وحالياً ” حركة 8 تموز ” التي تقوم بأعباء ” المعارضة كما ورد في رسالة الرفيق طه غدار في قوله التالي : ” سبق أن طرحت “قسم” مشروع “وحدة السوريين القوميين الاجتماعيين” لمدة 3 سنوات، ورغم التواصل مع قيادات الأحزاب الثلاثة، لم يتم التوصل إلى نتيجة إيجابية.
وتقوم حالياً “حركة 8 تموز” بأعباء “المعارضة”إذا شئت… وما كان كل هذا ليحدث ويستمر لولا شعور القوميين بالمفاسد العديدة التي تغرق بها القيادة الحزبية منذ عقود من السنين.”
المعالجة بحسب رأي سعاده
وكأن مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعاده لم يضع مشروع انقاذ الأمة وكأن المعارضه هي “المخلّص المنتظر” ولم يكن الخلاص في القاعدة التي اشار اليها سعاده في محاضرته الأولى عندما قال : “ اذا لم نفهم أهداف الحركة واسسها والقضايا والمسائل التي تواجهها لا نكون قادرين على فعل شيء في سبيل الحركة والعقيدة والغاية التي اجتمعنا لتحقيقها . فالمعرفة والفهم هما الضرورة الأساسية الأولى للعمل الذي نسعى الى تحقيقه ” ولم يقل أبدأ ان المعالجة تكون باستثارة الغرائز والتحشيد والمعارضة وتضخيم التكتل والتلاعب بالعواطف والمشاعر واثارة النعرات .
رأي الرفيق نايف معتوق
وقد كان الرفيق نايف معتوق منسجما كل الانسجام مع ما قاله سعاده في خاتمة مقاله حيث قال:”ومن الأجدى والأفعل ، بدل الغرق في تحليلاتٍ واستنتاجاتٍ لا تمتّ إلى عقيدتنا بصلة، بل هي أقرب إلى حالاتٍ خاصّة تزيد من طارئ الفوضى الفكريّة، الانصراف إلى العمل المجدي والتحليل المنطقي الذي يتوافق مع عقيدتنا ومسار حزبنا، فنتّجه نحو النصر الذي دعانا إليه الزعيم.”
هذا هو الأجدى والأفعل وليس زيادة الفوضى فوضى ، والتشويش تشويشاً ،والغوص في التنظير الكلامي بينما بلادنا تحترق ، وشعبنا يتمزق ، وتاريخنا يزوّر ، وحضارتنا تمسخ ، ومصيرنا في مهب رياح الغزاة المجرمين .
الحزب حركة نهضة
فالمعلم سعاده لم يؤسس حزباً من أجل أن يقال عنه انه مؤسس حزب ،ورئيس تجمّع . ولم يضع دستوراً لكي يمدحه الناس على دستور وضعه ،وقوانين سنّها، وقرارات أصدرها ، ومراسيم دبّجها وهي مقدّسة وجامدة وغير خاضعة لتعديل وتطوير والغاء .
انه اراد لأمته السورية يقظة روحية ، وأراد لها نهضة مادية روحية راقية منتجة ومبدعة هي أعظم من كل تنظيم، وأعظم من كل قانون، وأعظم من كل تنظير، ولا يحققها الا المنتجون علماً وفكراً وصناعة وغلالا وفنونا وتضحيات في ميادين الفعل لا القول ، وفي ساحات الابداع لا التقليد ، وعلى طرق التقدم لا التراوح والتمرجح بين أفكار المفكرين والانبهار بمنجزات الأمم الأخرى العدوانية بدلاً من جعل الأمم العدوانية تعود الى صوابها وتحترم حقنا في الحياة وحقنا في الحرية وحقنا في الرقيّ .
لا أدري لماذا حشد الرفيق طه مجموعة من أسماء الرفقاء واتهمني بنعتهم بنعوت يخجل من ايرادها ويستشهد بقول الرفيق الراحل سعيد تقي الدين من أن البغل لبط الكثيرين من السوريين القوميين الاجتماعيين حتى اصبحوا خارج الانتظام الحزبي متهماً الأمين الراحل أسد الأشقر بأنه فصل الرفيق سعيد تقي الدين كرمى لعين كميل شعون كما ورد في مقطع رسالته ، ولم يدر ان باتهامه قد أساء لرئيس حزب ،وأساء الى أديب كبير من أدبائنا، وأساء للحزب، وأساء لمؤسس الحزب عندما تجاهل العقلية المناقبية الاخلاقية التي أطلقها سعاده وجعلها أساسا لكل نظام يمكن أن يكتب له النجاح .
اتهام الرئيس بلا دليل
وهذا ما ورد في رسالة الرفيق طه: ” لقد أقدمتَ ( ويعنيني ) على نعت كل “المعارضين” بنعوت أخجل من إعادة إيرادها من جهة. ومن جهة أخرى تجيب هؤلاء “المعارضين” بروح سمحة ومحبة، ومنهم الأمين أصفهاني والرفقاء المهتار والغاوي وإيليا باز و… و… ألوف من السوريين القوميين الاجتماعيين أصبحوا خارج صفوف الانتظام الحزبي في الأحزاب القومية الموجودة، وأكثرهم لأنه لبطهم… على حدِ قول أديبنا سعيد تقي الدين، الذي هو الآخر سبق أن “فصله” أسد الأشقر-وكان آنذاك رئيساً للحزب- كرمي لعين شمعون.”
من السهل اطلاق الاتهامات يمنة ويسرى وقد قال الرفيق الراحل سعيد تقي الدين : ” اذا أردت قتل شخص فاطلق عليه اشاعة ” ولكن الكبار لا تقتلهم الاشاعات مهما كبرت وتكاثرت . وعبارة الرفيق سعيد تقي الدين الأدبية لم تكن تعني ان قيادة الحزب هي البغل. ولم يقبل على نفسه ان ينعت قيادة هو أحد اركانها أنها بغلاً واذا كان يعني ان قيادة الحزب ” بغل” فانه بالتأكيد مخطيء ويجب ان يحاسب على ذلك ولا اعتقد ان الأديب الكبير الرفيق سعيد تقي الدين يمكن ان ينحدر الى هذا المستوى الا اذا كان بعامل الفكاهة او النكتة . وعلى كل حال فان ما كتبه الرفيق سعيد تقي الدين رغم كل الآلم والمصاعب والمصائب التي تعرض لها في هجرته قبل وفاته حين قال :” لمجدك يا سوريا هذا القليل “. هو دليل كاف على انه لم يكن يقصد حزب الأمة الذي يعمل لمجد سوريا .
كيف يمكن اطلاق مثل تلك التهمة من ان الرئيس الراحل أسد الأشقر فصل اديبا وقياديا قوميا اجتماعيا كبيراً مثل الرفيق سعيد تقي الدين اكراماً لعيون كميل شمعون من دون دليل او برهان او تحقيق في حزب لا يفصل ولا يطرد ولا يحارب الا من أجل مصلحة الأمة التي هي فوق كل مصلحة ؟
الاهتمام بالتعديلات الدستورية وليس بالحزب
لقد أسهب الرفيق طه غدار في عرض علل التعديلات الدستورية والأخطاء الدستورية التي وقعت فيها الادارات الحزبية منذ غياب الزعيم حتى اليوم ولم يجد أي بصيص أمل في انقاذ الحزب الا في قوننة التعاقد وكأن القوميين الاجتماعيين لم ينتسبوا الى الحزب على أساس التعاقد الذي وضعه الزعيم ، ورأى ان لا عودة للاستقرار الى حياتنا الحزبية الا بعد اجراء اصلاح دستوري شامل وان التعديلات العديدة للنظام هي اعتداء صارخ على سلطة الزعامة وتطرق الى المصالح الفئوية التي عبثت بالدستور بعد ان تناول الحزب والذين قادوه منذ غياب الزعيم حتى اليوم بشتى انواع التجريح والشتائم والارتكابات ووصم الحزب بالمعتل والفاسد واداراته فاسدة وكان كل ذلك بسبب انني كتبت مقالة قلت فيها : “ ليس في الحزب السوري القومي الاجتماعي ما يسمى معارضة وموالاة بل ممارسة حقوق وواجبات وصلاحيات”ولم ينجو بنظره الا حركة المعارضة التي وحدها تقود الى الاصلاح علماً ان لا أحد من المسؤولين ولا من الرفقاء ينكر او يتنكر ويرفض اية وسيلة او طريقة تسرّع في تقدم الحزب وانتشاره وانتصاره .
الحزب هو الوحيد الذي يعمل لسوريا الطبيعية
فالحزب هو الوحيد الذي يقول ويعمل لنهضة سورية الطبيعية من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها في حين ان كل ما في كياناتنا التي أنشأها أعداؤنا وفرضوها علينا هي جيوش كان همها منذ نشوئها سحق أية فكرة نقدّمها للشعب ،وتشويه أي عمل نقوم به، ونبذ أي طفل من أبناء أمتنا يمكن أن يأتي الى حزبنا حتى أصبحنا في الداخل منبوذين في بيوت أهلنا وأخوتنا وأقاربنا ومدارسنا وطوائفنا وأعمالنا ووظائفنا وكل ذلك لأننا رفضنا التجزئة التي قبلها الآخرون، ولأننا أيضاً كما قال سعاده:”حررنا أنفسنا ضمن الحزب من السيادة الأجنبية والعوامل الخارجية وبقي علينا أن ننقذ أمتنا بأسرها ونحرر وطننا بكامله ” مما جعل الصعوبات خارجية وداخلية وجعل الأعداء متربصين في الداخل والخارج يحصون علينا أنفاسنا ، ويضطهدون رفقاءنا حتى وحدتنا سجون بلادنا أكثر من أي شيء آخر فخرّب يهود الداخل والخارج بيوت القوميين وشرّدوا الرجال والنساء ، وجاع اطفال الرفقاء ولم يجدوا عملا يسد الرمق ، وأعدم الكثيرون على الهوية وكل ذنبهم أنهم أحبوا بلادهم الى درجة انهم استطيبوا الموت في سبيل نهضتها ، ولا أخفي سراً اذا قلت ان كثيرين من الذين أقسموا قسم الانتماء على ايدينا في عهد مكتب الطلبة في الستينات استشهدوا ليس من اجل قوانين وتعديلها بل من أجل عقيدة تساوي وجودهم ومنهم الرفقاء الشهداء ابو واجب وسيم زين ومحمد سليم وياسر حسنية وغسان ابو حيدر والياس نقولا وغيرهم ،وكان دافعهم الأكبر الى ذلك هو الروحية المتولدة من تعاليم العقيدة القومية الاجتماعية وليس من دستور وان كان الدستور قد تضمنها كتابة وليس من قوانين ولا اصلاح قوانين . فاذا لم تستيقظ الروحية القومية الاجتماعية ووحدة نظاميتها وعقليتها الاخلاقية في الرفقاء فلن تنفع الدساتير والقوانين والنصوص والتنظيرات أكثر مما نفع وتنفع دساتير كياناتنا السورية التي سنّها الأعداء لمصالحهم وليس لمصالحنا.
في المباديْ القومية الاجتماعية توحيد الاتجاه
لقد ورد في خطاب الزعيم المنهاجي هذه العبارة:”ان مبادئنا القومية الاجتماعية قد كفلت توحيد اتجاهنا ، ونظامنا قد كفل توحيد عملنا في هذا الاتجاه ونحن نشعر ان التغيير يعمل الان فعله الطبيعي ” فلا شي أفضل من الانطلاق من درس مباديء الحزب السوري القومي الاجتماعي والنظرة السورية القومية الاجتماعية الى الحياة والكون والفن ، والنظامية الروحية المناقبية القومية الاجتماعية لأن الواجب الأهم بحسب المعلم أنطون سعاده هو ” علينا أن نفهم فلسفة الحركة لندرك كيف يمكن أن تعالج الأمور”
لقد فعل أمناؤنا ورفقاؤنا وقياديونا منذ غياب سعاده حتى هذا التاريخ ما تمكنوا من فعله ،وأنجزوا ما استطاعوا انجازه ، فنجحوا في أمور وأخفقوا في أمور أخرى . وسقط البعض على جانب الطريق واستمر البعض وسجن من سجن وشرد من شرّد وهجّر من هجّر واستشهد من استشهد وكل ذلك بدافع الروحية العظيمة التي هي الأهم وكل ما عدا ذلك ثانوي وليس أساسي .
الحزب حزب نهضة حياة وليس حزب تنظيم قوانين
وبناء عليه أضيف على النقاط الأربعة التي تناولتها آنفاً في مقالاتي نقطة أخرى هي : ان الحزب السوري القومي الاجتماعي هو حزب نهضة الأمة السورية التي تقوم على المعرفة الحياتية الفاضلة الراقية ، وعلى نظرة شاملة هادفة الى ” تحقيق حياة اجود في عالم اجمل وقيم اعلى ” ، كما علّم سعاده ،توحّد أنفس الملايين في روحية نهضوية نظامية واحدة تتحرك في أجيال الأمة باتجاه مُـثـُلٍ عليأ سامية خالدة وليس حزب قوانين آنية زائلة تفقد صلاحيتها مع كل حدث وقبل كل غروب شمس .
” هذا هو الحزب السوري القومي الاجتماعي للذين وحّدوا ايمانهم وعقائدهم فيه “كما قال سعاده . فمن لم تنتصر فيه العقيدة لن تنتصر فيه نصوص القوانين ولو تظاهر بالالتزام بها .
ان الحزب السوري القومي الاجتماعي بحاجة الى قوميين اجتماعيين واعين مؤمنين نظاميين عاملين منتجين مبدعين أبطال في الحياة لا الى منظّرين يرون في أنفسهم الجودة والصلاح وفي رفقائهم الرداءة والطلاح .
وهناك نقطة أخرى وردت في رسالة الرفيق طه غدار وهي أن : ” اليهود، نجحوا في تأسيس كيان مغتصب على أرضنا السورية بعد 50 عاماً من تأسيس الحركة الصهيونية. خططوا ووصلوا إلى إقامة دولتهم . ونحن نعلن أننا خطة دقيقة منظمة لمواجهة الحركة اليهودية. ولتاريخه، بكل حسرة أيضاً نحن لسنا كذلك. ” فان المعلم سعاده هو أفضل من يجيب على هذا الانتقاد بقوله :” أصابنا الفشل في جميع القضايا التي عالجناها غير مهتمين بتوحيد العقليات. ذهبنا إلى حرب اليهود منقسمين على بعضنا بالغايات والأهداف متفاوتين عن بعضنا بالطرق والمفاهيم ومع أن اليهود أقلية لا تستحق المواجهة بهذه الجموع إلا أنها تمكنت من الانتصار، لأننا لم نكن على بينة من أمرنا ولم يكن لنا هدف واحد يسير عليه الكل بمفهوم واحد وإرادة واحدة ونظام واحد.” فهل تحرر فلسطين بالتحشدات المتضاربة والمتعارضة والمتعاكسة وبتفسيخ الروحية النظامية بالالتهاء بالمشاحنات القانونية أم تتحرر بوحدة الروحية النظامية ووحدة الهدف ووحدة الارادة ووحدة النظام ؟
ليس أفضل من قول معلمنا أنطون سعاده الذي نشر في جريدة سورية الجديدة، العدد 2 في 18 آذار 1939: ” سر قوة الحزب السوري القومي الاجتماعي هو في تنظيمه الروحي لا في أشكاله النظامية الظاهرية التي يراها البسطاء ويتوهمون أنها كل نظامه .” وهذا التنظيم الروحي هو الذي مكّن الحزب من البقاء فاعلاً في المجتمع على الرغم من ضخامة وهمجية ووحشية القوى المحلية والدولية المعادية التي تحالفت للقضاء عليه ، وعلى الرغم من عدم وجود الانصار والامكانيات المادية الزهيدة التي توفرت لديه ، ولا تزال متحالفة وتسعى لاضعافه بشتى الوسائل والسبل ، وحجب حقيقته السورية القومية الاجتماعية التي هي الأمل الذي لا يموت .
وليس أنفع من تدبّر قول المعلم سعاده الذي ينير طريقنا الى النصر في هذا الزمن العصيب حيث يقول :
“تجتاز بلادنا السورية اليوم مرحلة من مراحل التخبط والفوضى الهائلة المخيفة.مرحلة يمكن القول أن الأمة تتراوح فيها بين الانهيار النهائي والاضمحلال، والحياة الحرة القوية من جهة ثانية. في هذه المرحلة تجري تساؤلات عديدة كيف يمكن أن تخرج منها إلى وضوح وإلى تحقيق حالة حسنة تثبت فيها حياة الأمة وتنشق أمامها طريق الفلاح والارتقاء، وتأتي على هذه التساؤلات أجوبة عديدة من جبهات عديدة يكثر الذين يريدون أن يشتغلوا بمسائل الأمة السياسية والاجتماعية. يكثر العالمون، يكثر الصاخبون، يكثر الموجهون، والشعب ينقسم بين مختلف هذه العوامل ويتجزأ ويضعف. حالة من هذا النوع تدعو إلى اليأس الشديد، وعدد من الشباب يميل بالنتيجة إلى اليأس والانصراف عن قضايا الأمة إلى الاهتمام بالشؤون الخصوصية. وتمكن في كثير من النفوس حالة عدم المبالاة بالقضايا العامة والاهتمام فقط بالمسائل الشخصية والخصوصية. ولعل هذه الناحية أخطر النواحي على حياة الأمم. في هذه الفوضى نفتكر بإخلاص بشيء أولي وهو كيف نخرج من الفوضى. ما هو السبيل الصحيح الذي يجب علينا أن نسلكه ويقودنا هذا التساؤل إلى البحث عن الحقيقة. والحقيقة هي التي تكفل بإخراجنا من التخبط والأضاليل إلى وضوح الأهداف الصحيحة والغايات والمقاصد السامية بالحياة التي تجمع مصالح الأمة ومثلها العليا وتكون التعبير الصحيح عن وجودها وفاعليتها.”
الرفيق يوسف المسمار
البيرازيل في 24/ 09/ 2016