لا تلوموا أدونيس اذا خرف

لا تلوموا “أدونيس” إذا خرف

فمن يُصابُ بالخَرَفِ معذورٌ ولا يُلام

 

علمت من الأمين الدكتور غسان الياس الجزيل الاحترام أن الرفيق العزيز جان داية كتب على صفحته في الفايسبوك ان المدعو أدونيس واسمه الحقيقي علي أحمد سعيد الذي انتسب الى الحزب السوري القومي الاجتماعي منذ زمن بعيد وكتب بعض القصائد الشعرية الرائعة والمقالات النثرية القليلة من وحي فكر واضع عقيدة النهضة السورية القومية الاجتماعية ومؤسس حزب تحقيق نهضة الأمة السورية سعاده ، والذي جمّد نشاطه في مسيرة الحزب منذ زمان بعيد أيضاً يعود الى ما قبل الفترة التي بدأتُ فيها نشاطي مع شلة من الطلبة ولم يكن بيننا يومها أي طالب منتسب الى الحزب باستثناء طالب واحد انضم الينا بعد فترة هو الطالب في العلوم السياسية والاقتصادية في السنة الرابعة من الكيان الشامي من الاذقية هو الرفيق جورج قيصر ، وانضم بعده الينا الرفيق جمال فاخوري (الأمين لاحقاً ) .

كانت بداية نشاطنا في كلية الحقوق والعلوم السياسية في بيروت بعد الثورة الثانية التي قامت بها قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي برآسة الأمين الراحل عبدالله سعاده على النظام الطائفي، بل من الأفضل القول نظام الموظفين المستغل مشاعر الطائفين المتعصبين لتثبيت سيطرة الارادات الغريبة الاجنبية التي أنشأته وزودته بكل امكانيات واساليب ووسائل ورعايات الاستمرار ، ووظفت العناصر التي ربّتها ودربّتها وأعدتها لتكون أدوات تلك الارادات الأجنبية في تنفيذ أوامرها وحراسة وحماية مصالحها ، والترويج الدعائي لمطامعها والسيطرة المستمرة على وطننا وأمتنا .

وبحكم انني من مدينة الهرمل البقاعية فقد كنت اتردد أحياناً الى منزل الرفيق الراحل نعمة حمادة وهو من الهرمل وزوجته الأمينة أدما ناصيف لأتحدث معهما وأتعرف على بعض الآشياء والحوادث والقصص والافكار والاشخاص التي لها مساس بالحزب السوري القومي الاجتماعي .

قصة مشهور دندش مع سعيد تقي الدين                  

وفي احدى المرات سألت الرفيق نعمة حمادة عن الشاعر أدونيس بعد ان سمعت من الرفيق الراحل مشهور دندش قصة حصلت معه في مكتب العميد الرفيق الراحل ايضاً سعيد تقي الدين الذي كتب مقدمة ديوان للشاعر أدونيس. وقد روى لي القصة الرفيق مشهور على الشكل التالي :” دخل الرفيق مشهور دندش الى مكتب العميد سعيد تقي الدين فوجده يكتب مقالاً فقال الرفيق سعيد للرفيق مشهور : هذا ديوان شعر جديد للرفيق الشاعر أدونيس . اقرأ وتمتع بقراء بعض قصائده يا رفيق مشهور حتى انهي كتابة المقال .”

قال لي الرفيق مشهور :” بدأت أقرأ بنهم ومعجب بشعر الرفيق المبدع أدونيس اعجاباً كبيراً . وكان الرفيق سعيد تقي الدين يرفع رأسه من لحظة الى لحظة فيجدني مشدودا وغارقاً في قراءة شعر أدونيس بنهمِ كبير فيبتسم ويعود الى كتابة مقاله الى ان انهيت قراءة قصيدة ادونيس التي ينهيها بهذه العبارة : ” فماذا أكون ؟ “قبل أن ينهي سعيد تقي الدين كتابة مقاله .

كانت هذه العبارة الصدمة الكبرى التي جعلتني أرمي بالديوان أرضاَ بشكل كاد يمزقه . فانفجر العميد سعيد تقي الدين بغضب قائلاً لي مستهجنا ومستغرباً : ” ما هذا الذي فعلته يا مشهور؟ أهذا هو تأثير العقيدة والحزب فيك ؟ أترمي ديوان شعر بهذه الطريقة لأهم شاعر في حزبنا أدونيس ؟ يظهر أن الحزب لم يستطع أن يؤثر عليك وبقيت تقاليد الهرمل العشائرية أقوى من مفاهيم الحزب السوري القومي الاجتماعي ؟ّ.”

أجاب الرفيق مشهور دندش بحدة : ” أهذا كل ما تعلمه القومي الاجتماعي الشاعر الكبير أدونيس من سعاده ؟”

قال سعيد :” ماذا تقصد ؟ ومن أنت وما هي درجتك في الأدب والشعر لتنتقد أدونيس وتنتقد سعيد تقي الدين في الشعر والأدب ؟”

أجابه الرفيق مشهور:”فعلاً انت وأدونيس اقدر مني بكثير في مجال كتابة النثر والشعر .وانا أقر انني تعلمت منكما الكثير وما زلت اتعلم وسوف أتعلم وأستفيد ولكن النهضة ليست كتابة شعر ونثر وحسب . ان مفهوم النهضة الذي تعلمته من سعاده هو اعظم من كتابة الشعر والنثر . ان سعاده اراد ترسيخ الفهم الأجود الجديد للحياة لتكون الكتابة خادمة لهذا الفهم الأجود . ”

عند هذا الحد قال لي الرفيق الراحل مشهور دندش :” هدأ غضب الرفيق سعيد تقي الدين وقال لي : وضّح يا رفيق مشهور واشرح لأعرف سبب رميك لدوان شعر أدونيس بهذه الطريقة الفجة ؟ ” قال الرفيق مشهور :” ألم تر يا رفيق سعيد هذه القصيدة الرائعة كيف هبطت وتحطمت على الأرض بعد صعودها الى السماء ؟” ضحك الرفيق سعيد وقال ؟” وضّح أكثر يا رفيق مشهور ” . قال الرفيق مشهور:” يتساءل أدونيس في قصيدته ويسأل نفسه: اذا لم أكن ويورد أشياء وحالات واشخاص وصفات ونعوت كثيرة ، فماذا أكون ؟ اذا لم يكن جندي في النهضة فماذا يكون ؟ اذا لم يكن فلاحاً فماذا يكون ؟ اذا لم يكن عاملا لانتصار النهضة فماذا يكون ؟ اذا لم يكن نفحة عطر وشمعة تضيء وأمور كثيرة فماذا يكون ؟ الى أن ينهي قصيدته : اذا لم يكن واحداً من هؤلاء المنتجين فكراً وعلما وفناً “فماذا أكون” ؟

فقال سعيد تقي الدين لمشهور دندش: ” أيوجد هناك شعر أجمل من هذا الشعر يا مشهور؟ وماذا تقول أنت ؟ وما هو انتقادك ؟”

أجاب الرفيق مشهور دندش : كان على أدونيس أن يقول في نهاية قصيدته الرائعة : ” اذا لم أكن واحداً أو كل اولئك المنتجين المبدعين في كل مجالات الحياة في النهضة السورية القومية الاجتماعية لماذا أكونُ بدلاً من فماذا أكونُ ؟ ” . يعني أن ينتقل من فاء ” فماذا؟ ” الى لام ” لماذا؟”

قال لي الرفيق مشهور :” جمد الرفيق سعيد تقي الدين وصمت بذهول ثم قال بعد صمته : أرجوك يا رفيق مشهور أن لا تخبر أحدا بذلك فقد قرأت القصيدة قبل صدور الديوان وتناقشنا انا والرفيق أدونيس حول بعض القصائد ولم يخطر في بالي انتقادك ، وأعدك انني سأكتب عن هذه الحادثة ولكن ليس الآن . فاذا رحلتُ عن هذه الدنيا يا رفيق مشهور قبلي فسأكتبُ هذه الحادثة وعنكَ بعد موتك وعن حديثنا الآن. واذا رحلتُ قبلكَ يا مشهور فيمكنكَ ان تروي هذه الحادثة أمام احد الادباء القوميين الاجتماعيين .ان انتقادكَ في محله ورائع وسوف اتعلم منه الكثير. لقد صدق سعاده عندما قال :”لو انفض عني الجميع لدعوت الى هذه النهضة أجيالاً لم تولد بعد.انها نهضة خالدة ” .

روى لي الرفيق مشهور هذه القصة فشعرت ان دمعة تجمدت في عينه وانهى رويته بالقول : ” لقد رحل العميد الرفيق سعيد تقي الدين البقاء للآمة .” كان هذا اللقاء مع الرفيق مشهور دندش في مقهى ” لاروندا ” في ذلك الزمن في ساحة الشهداء وسط بيروت .

رواية الأمينة أدما ناصيف والرفيق نعمة حمادة          

نقلت ما حدّثني به الرفيق الراحل مشهور دندش الى الرفيق الراحل نعمة حمادة والى زوجته الأمينة الراحلة أدما ناصيف وسألتهما عن رأيهما بالرفيق الشاعر أدونيس وقلت لهما هل بامكاننا نحن الطلبة ان نستفيد منه شيئاً ؟ وهل يمكن أن أن نعتمد عليه في هذا العهد المظلم ؟ وهل تعتقدان انه مستعد للعمل معنا نحن الطلبة الجامعيين القوميين الاجتماعيين ؟ وقلت لهما انني اتصلت بألأمناء جورج عبد المسيح و محمد يوسف حمود و الياس جرجي قنيزح ومصطفى عبد الساتر وزكريا اللبابيدي وآخرين ، كما اتواصل معكما الآن وأحب ان اتصل بالرفيق الشاعر أدونيس فما رايكما ؟

قال لي الرفيق نعمة حمادة وأيّدته في ذلك الأمينة زوجته أدما ناصيف “ان أدونيس ليس بوارد ان يعمل وينشط في صفوف الحزب ولا تخسروا وقتكم معه وقد قال لي مرة ان همّه الكبير والوحيد أن يصير شاعراً مشهوراً ، وقال ايضا ٍسأصبح شاعراً مشهورا وسترى يا نعمة اني سأصل وأصبح مشهوراً .”

وأضاف الرفيق نعمة قائلاً لي وبحضور الأمينة أدما وفي الشقة التي كان يسكنها ويقيم فيها في الأشرفية في بيروت :“نحن الآن أحوج ما نكون الى نهضة في النهضة “. وقد ذكرت عبارة الرفيق نعمة حمادة في ديواني الشعري الذي صدر بعنوان” قصائد مضيئة “الذي أوردت فيه عبارات متعددة لكثير من الأمناء والرفقاء العاملين وغير العاملين والمطرودين والمفصولين والخارجين عن الحزب وعلى الحزب، لأن تلك العبارات التي أوردتها في الديون كلها مستوحاة من فكر النهضة ويجب أن تبقى للنهضة . وأذكر أن الأمينة أدما ناصيف أيّدت رأي الرفيق نعمة وأضافت”ان أدونيس سيفعل كل ما بوسعه وما يستطيع ليصبح مشهوراً،وهمّه الكبير هو الشهرة ومن الصعب بل من المستحيل ان يعمل وينشط في صفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي بعد اليوم لأنه يرى نفسه قبل الحزب، وخصوصاً في هذه المرحلة القاسية

اقتنعت بما قالاه لي الرفيق نعمة والأمينة أدما لأني كنت أحترمهما كثيراً وأثق برأيهما ولأن الرفيق نعمة كان المسؤول عن حركة الأشبال وتدريبهم وتعليمهم ومساعدتهم في دروسهم المدرسية التي كنت أحد أفرادها في الهرمل وكنا نكن له حباً واحترماً كبيرين ، ولم أحاول بعد ذلك ان اتصل بأدونيس الذي كان رفيقاً يوماً من الايام ، ولا يريد بعد ان جمّد نشاطه الا ان يصبح مشهوراً وشهرته أهم عنده من كل شيء ولا يمكن تفسيرها الا كما فسرّها المعلم أنطون سعاده ب “ عقدة جنون الخلود

مرّت الأيام ولم أكتب شيئاً عن الحادثة ولكني تحدّثت مرتين عما جرى مع الرفيقين الراحلين سعيد تقي الدين ومشهور دندش : المرة الأولى أمام الرفيقة العزيزة وداد شروف في منزلها في سان باولو في البرازيل لها مني أجمل التحيات، والمرة الثانية في حضور الأمين الراحل حسن دندش شقيق الرفيق مشهور دندش وفي منزله سنة 2001 عندما زرت لبنان في تلك السنة . وفي نهاية حديثي عن قصة الرفيق مشهور والرفيق سعيد تقي الدين رأيت صبية كانت حاضرة أثناء الحديث تدمع عيونها فسألت عنها الأمين حسن فقال انها ابنة الرفيق مشهور.

وما أذكره من الماضي ومن مرحلة العمل الطلابي كمسؤل في مكتب الطلبة وكنت أحمل اسماء مستعارة تفادياً لملاحقات السلطات المخابراتية في العهد الشهابي الرديء انه جاء ذات يوم الطالب جان نادر شقيق الأمين العزيز كمال نادر وكان يومها الأمين كمال صغيراً ولكنه كان بوعيه ونشاطه بطلاً وكبيرا . وكنا نعتمدالرفيق جان كمسؤول عن الطلبة القوميين في مدرسة فرن الشباك فقدّم لي مقابلة أجراها مع المدعو أدونيس وسألني عن رأيي في ما كتب أدونيس ؟ وبعد قراءة ما كتب أدونيس تأكدت من رأي الرفيق نعمة حمادة والأمينة أدما ناصيف من أن أدونيس يعمل لشخصه وشهرته وليس من أجل نهضة سورية قومية اجتماعية وقد حصر اهتمامه ونشاطه عند حدود الشخصية الفردية ولا تهمه الشخصية الاجتماعية الا بقدر ما تخدم شخصيته الفردية. واذكر انني كتبت رداً على ما قال يومها أدونيس ،صودر من قبل السلطات مع ما صادرته من اوراقي، ووضعت سؤالاً ليطرحه الرفيق جان على أدونيس وكان ذلك في العام 1963 قبل انتسابي الى الحزب في 19 شباط 1963 ذكرى استشهاد العميد الرفيق الشهيد غسان جديد حيث أديت قسم الانتماء ي صالة من صالات الدروس في الجامعة الأميركية في بيروت بحضور الرفقاء . جمال فاخوري (الأمين لاحقا) ، والراحل ملحم غاوي ، وجورج قيصر أطال الله في عمره .

بعد هذه الحادثة جرت حادثة أخرى عندما قال يوسف الخال باسمه وباسم أدونيس وحضوره للرفيق هنري حاماتي (الأمين حالياً) وكان يومها الأمين هنري حاماتي يحمل مسؤولية مفوض الحزب السوري القومي الاجتماعي في لبنان وقالا انهما يريدان كتابة بيان او مقال يتناولان فيه الحزب السوري القومي الاجتماعي وتجربتهما فيه فكان جواب الأمين هنري حاماتي يومها كما قال لنا في مكتب الطلبة انه قال ليوسف الخال وأدونيس أن بامكانهما ان يكتبا ما يريدان وأن يعبّرا عن روحيهما عمليا وبحرية تامة ، ولكن نحن في الحزب سنرد، وسيكون ردنا كما يجب ان يكون الرد . وكما تتطلب منا عقيدة نهضتنا .

تهيَّب يومها أدونيس الموقف ولم يكتب بل كان يوسف الخال الأجرأ أو لنقل الأوقح حين قال في احدى ” أمسيات خميس مجلة شعر” التي كان على رأسها يوسف الخال والتي كانت تجمع أدونيس ومحمد الماغوط وفدوى طوقان وبدوي الجبل وسلمى الخضراء الجيوسي ونازك الملائكة وفؤاد رفقة وجورج صيدح . قال يومها يوسف الخال بكل خفة ووقاحة عن المرحلة الحزبية التي عاشها في الحزب السوري القومي الاجتماعي وحكم عليها من غير ان يرد عليه أحد من الحضرين بقوله :” تعلقنا بالحزب السوري القومي الاجتماعي كخشبة خلاص ولكن تبين أنها ليست من خشب الأرز فتركناها ” وقد نشر حديثه ملحق جريدة النهار يومها في 12 أيلول 1965 مما سبب رداً من المفوض العام الأمين هنري حاماتي نشره ملحق النهار ايضا بتاريخ 26 أيلول 1965 حيث جاء في رد الأمين هنري حاماتي ما يلي : ” في أول عدد من مجلة” آفاق ” خريف 1958 كتبت أصف حال داعية التجديد بقولي : لقد تنبه يوسف الخال الى أن العصر قد سبقه فنهض مسرعاً يلحق بالعصر . تجربة يوسف الخال في الشعر تجربة ذهنية . تجربة مطالعة ، ومحادثة ، ومناقشة ، وكتابة . انها ليست تجربة حياتية حقيقية . فيها ضياع حقيقي كذاك الذي وصفه ادونيس اجمل وصف في قصيدته ” جندي مشوّه ” وكان قد استقاها من حمامات المزّة ، وليس فيها احساس أو عاطفة حقيقية كتلك التي كان يشعر بها يوسف الخال نفسه يوم كتب مقالة “الحرية”. التجربة الذهنية تجربة سطحية . انها لا تخترق القشرة الفاصلة بين الوعي واللاوعي حيث يكمن الوجود الانساني الغامض مشتبكا بأعقد قضاياه . هذا عدا ان التجربة الذهنية تنتهي بانتهاء الكتاب الذي بين يديه ،والاطار الماثل لبصره،والحوش المقيم فيه ، المتضايق منه ، والمنفعل بأشيائه .

والفرق بين التجربة الذهنية والتجربة الحياتية هو، بالمقدار نفسه، الفرق بين التجديد المفعتل انطباعاً بالأساليب الأميركية ، والتجديد الأصيل الذي يخرج الى الحياة مع أشكاله وأساليبه .                    

وان ” القضية” التي جعل يوسف الخال نفسه ” بطلها ” لم تكن من خشب الأرز ، ولا من صنع يدٍ من تراثنا العريق في ايمانه وحريته وكرامته ، بل كانت من خشب معاكس اميركي ، وصل بيروت في الباخرة نفسها التي أقلت الخال، ، فاسمع يوسف الخال نفسه يوضح ، في مقالة الملحق : ” في أميركا اتصلت بالأجواء الأدبية المعاصرة ،فاكتسبت المفهوم الجديد للشعر ، هذا المفهوم الذي عملتُ على التبشير به بعد عودتي الى بيروت عام 1955، والذي أنشأت مجلة ” شعر” للتعبير عنه ، وتطبيقه على الشعر العربي

ويضيف الأمين العزيز هنري حاماتي : ” يقول يوسف الخال في تلك “الامسية لخميس شعر”: ” كان الحزب السوري القومي خشبة خلاص … من الفراغ الفكري والروحي ” ثم يقول : ” لم يكن آنذاك يهمنا مضمون هذا الحزب ” .

يعلّق الأمين هنري حاماتي على قول يوسف الخال والذين معه بالقول: ” أرأيت الى هذا الصدق في الانتساب ؟ّ! الى هذا الوعيّ !؟ ان ماسحي الأحذية في بيروت يعرفون ان الانتساب الى الحزب السوري القومي الاجتماعي يستوجب معرفة مبادئه : فكره وروحه، ويوسف الخال لا ينكر ذلك . وهو لا يعزو دخوله الحزب الى خطأ اداري ارتكبه مدير مديرية ناحيته الذي قبله عضواً، ولا خروجه منه الى قرار الطرد الصادر بحقه لاعتبارات “الحرية” و” التحوّل الأساسي” وغيرها… بل يعزو هذين الأمرين الى قلة نضجه يوم انتسب ، وكثرة نضجه يوم انحرف وطُرد “

يظهر مما تقدم ان أدونيس القومي الاجتماعي ، بدلاً من ان يتصدى للمطرود يوسف الخال ويعيده من المناخ الذهني والتجربة الذهنية الآتية مع الرياح الأميركية المسمومة الى المناخ الحياتي القومي الاجتماعي والتجربة الحياتية القومية الاجتماعية ، فقد استطاع يوسف الخال القائل :” في أميركا اتصلت بالأجواء الأدبية المعاصرة ،فاكتسبت المفهوم الجديد للشعر ، هذا المفهوم الذي عملتُ على التبشير به بعد عودتي الى بيروت عام 1955، والذي أنشأتُ مجلة “شعر” للتعبيرعنه ، وتطبيقه على الشعر العربي ” ان يجرجر أدونيس ومن كان محتاراً أو باحثاً عن شهرة شخصية مثل أدونيس من مناخ وحالة التجربة الحياتية الى التجربة الذهنية الفردية الشخصية باسم “الحرية” وباسم ” التحوّل الأساسي” غير مبال بما درسه في فكر سعادة من أن : ” ان أصول الأدب يجب أن تكون في الحياة لتتمكن من أعطاء ثمار تغذي الأحياء. فالأدباء الذين طالعوا كثيراً في الأدب ولكنهم لم يختبروا شؤون النفس الانسانية وانواع الحياة الراقية لا يمكنهم ان يوقعوا أنغاماً جديدة تسترعي أسماعنا وتملك قلوبنا بل هم يندفعون في تكرار اللحن الوحيد القديم . ومهما كان ذلك اللحن جميلاً فهو لتكراره ، قد أصبح وقراً في الأسماع. وكل أدب لا يعرف الحياة لا يحيا . ”                                      

ومن الأمور الأخرى التي عرفتها عن أدونيس عندما كان طالبا في الجامعة السورية في دمشق صفة الخوف الملامس الجبن وربما كان الجبن المتمظهر بالخوف ، وكان المدافع عنه دائماً بيده الامين الدكتور نذير العظمة الجزيل الاحترام، أطال الله في عمره ، في مواجهة أخصام الحزب من عروبيين وهميين وشيوعيين، وأعداء الحزب المعتدين من طائفيين تكفيريين متعصبين .

رحل يوسف الخال ورحل غيره من الذين شعروا وتوهموا انهم اكتسبوا شهرة اكبر من شهرة الحزب، بل توهّموا انهم أهم وأبقى من الحزب السوري القومي الاجتماعي من امثال الدكتور فايز صايغ والدكتور فخري معلوف وصلاح لبكي ونعمة ثابت ومأمون اياس ولبيب زويا وغسان تويني وسعيد عقل وغيرهم وغيرهم ممن لم يبق من انتاجهم حيّا الا الذي انطلق من الحياة النهضوية القومية الاجتماعية ومفاهيمها الراقية التي استوحوها من الفكرة والحركة اللتين أطلقهما سعاده لتنهبيه وعيّ الأمة وايقاظ عقلها وتوسيع مداركها وترقية نفسيتها في بناتها وابنائها لتوليد التجديد الأصيل، وتحديث الفكر الراقي ، وعصرنة الابداع السامي .

ولكن مخلفات مدرسة الثقافة الذهنية الزائفة التي أتى بفكرتها يوسف الخال من الولايات المتحدة الأميركية بقوله :” لتجديد مفهوم الشعر والتبشير به و أنشاء مجلة “شعر” للتعبيرعنه ، وتطبيقه على الشعر العربي” لايزال بعض انصارها يتوهمون انهم فعلاً شعراء حياة جديدة جيّدة،وأدباء تجديد ،ومفكري حداثة ، وناهضي بالأمة الى المجد ، ولم يدروا ان الحياة الجديدة الحديثة العصرية لا يمكن ان تولد من دون نظرة انسانية أصلية أصيلة جديدة هي مصدر كل فكروأدب وشعرٍ جيّدٍ جديدٍ حديثٍ عصري.

فالنظرة المستوردة لا تحرك عوامل النفس الأصيلة ولا تكون أساساً لحياة ةأصيلة ولا تنتج حياة جيّدة . فالحياة الرديئة لا تنتج الا الرداءة، ووحدها الحياة الصالحة تنتج الصالح. ولا حياة صالحة في هذا الوجود ان لم تكن حياة صلاح الأمة التي يشترك جميع أفرادها في انتاج الصلاح ، والتمتع بالصلاح، وتنمية الصلاح، ليستمر أصلح وأصلح وأصلح .

هذا هو منهاج الحزب السوري القومي الاجتماعي للذين يعون ويدركون ويعقلون ويفهمون . فاذا قال البعض ان الحزب السوري القومي الاجتماعي قد مات كما سمعنا عن لسان أدونيس وعلى صفحة فايسبوك الرفيق جان داية فان صاحب القول لم يفهم بعد هذا التاريخ الطويل من جهاد الحزب السوري القومي الاجتماعي حقيقة هذا الحزب، وأصابه ما أصاب يوسف الخال حين قال:”تعلقنا بالحزب السوري القومي الاجتماعي كخشبة خلاص ولكن تبين أنها ليست من خشب الأرز فتركناها”، فان أدونيس اليوم يهيء له خرفه وهماً موت الحزب وكأنه يقول:”انتسبنا الى الحزب السوري القومي الاجتماعي وظنناه حياً ، وبعد ان تبيّنا انه ميت تركناه ” وكما وضّح الأمين هنري حاماتي ان الخشب الذي تمسك به يوسف الخال كان خشب معاكس أميركي ، فاننا نقول لأدونيس ان اكتشافه موت الحزب او الحكم عليه بانه مات ليس الا من آثار الخرف الذي يصيب الفرد عندما تجف شرايين رأسه وتنهار قواه ويغيب وعيه ويغرق في الهذيان . لأن من يقول : “ انه مؤمن بسعاده وعقيدته ولكن يعلن موت الحزب الذي أمضى شبابه فيه ” لا يفهم معنى ان الحزب فكرة وحركة تتناولان حياة أمة بأسرها ،ولا يعي ان الحزب السوري القومي الاجتماعي هو هو الفكرة المتحركة النامية، والحركة المفكرة الواعية ،وهو هو صراع الأحياء وطالبو الحياة لا الأجبناء الذين يتساقطون على جوانب طريق الحياة الناهضة ، ولا يدري أن هذيان الذهنيات المريضة التي استعصى أمر شفائها ، لا يُنتظر منها أن تعود الى رشدها بعد ان شارفت على الرحيل .

ما ورد على صفحة جان داية من كلام أدونيس          

لقد ورد على صفحة الرفيق جان داية ان ” ادونيس استهل حديثه بمقدمة عامة قال فيها إنه كان طالبا في طرطوس يرتدي القنباز، عندما انتمى الى الحزب القومي مع مجموعة من رفاقه ، رغم عدم إطلاعه على العقيدة.

وفي سياق حديثه الفكري الادبي العميق الاسر، اكدعلى الامرين الواردين في عنوان هذه العجالة:                                          

” 1- كرر فعل إيمانه بسعاده وعقيدته،رغم تجميده نشاطه الحزبي منذ العام 1960 . واستدرك للقول ان التعبير عن الإيمان بالزعيم والمبادئ يجب أن يتم بموجب النهج المتحول المواكب للزمان والمكان،بعيدا عن الثابت وحلوله المعلبة الجاهزة المعطلة للعقل” .

” 2 – اعلن “موت الحزب”الذي أمضى شبابه فيه،واورد بعض الأدلة على حقيقة الوفاة،منها تعطيل القيادة للحرية والثقافة والعقل والحوار،وتقديمها حلولا جاهزة للمعضلات الراهنة،تماما كما تفعل الأحزاب الإسلامية منذ ألف عام.”                                        

فأي غبي يصدّق أن أدونيس لم يطلع على عقيدة الحزب ولم يكن يعرف عقيدة الحزب ؟ وأي جاهل يصدّق ان مسؤولي الحزب يسمحون لأحد من الناس ان ينتسب الى الحزب من دون ان يطلع على عقيدته: مباديء وغاية ؟ وهل صحيح أن أدونيس انتسب الى الحزب رغم عدم اطلاعه على العقيدة واستمر عضواً ومسؤولاً طيلة 15 سنة، وأن الحزب الذي انتمى اليه وكان فيه عديم الاطلاع على عقيدته لم يعد موجودا وهو الآن يتحسر ويحن الى الحزب الذي انتسب اليه من غير اطلاع على عقيدته ؟

أما ايمانه بسعاده وعقيدته رغم تجميد نشاطه الحزبي منذ العام 1960 فكيف مارس هذا الايمان منذ تجميد نشاطه خلال 57 سنة الماضية ؟ وهل عقيدة سعاده هي الايمان بسعاده كشخص أم الايمان بعقيدة نهضة الامة السورية والعمل لانتصارها ؟ وهل هناك قيمة لايمان من دون وعيّ وممارسة ؟ ومتى كان الايمان يصح مهما كان قوياً من غير وعيّ وعمل وممارسة وتحقيق ؟ وكيف يصح ايمان بعقيدة مع عدم الاطلاع عليها ؟ اليس من يقول انه مؤمن بعقيدة يُفترض فيه ان يكون قد اطلع عليها قبل ان يؤمن بها ؟ واذا كان قد آمن بالعقيدة مع عدم الاطلاع عليها واستيعابها اليس هو بالفعل جاهل او مريض او خرف ؟

واعلان أدونيس ” لموت الحزب ” الذي أمضى شبابه فيه ونجا هو ومن كان مثله من الموت الا يستوجب التوقف عنده طويلا لنعرف وظيفته ودوره ووظائف ودور كل من شارك أدونيس وساعده في النجاة من الموت ودفع الحزب الى الموت او تركه يموت وحده ؟ وهل فعلاً أدونيس كان بكامل وعيه وسلامة عقله عندما أعلن“موت الحزب”في اللقاء الثقافي مساء الثلاثاء يوم 24 ايار2017 ؟

مما لا شك فيه ان أكبر عقد مدعيّ الثقافة الرشيدة في بلادنا نتيجة عصور وعهود الانحطاط التي مسخت الروح والنفس والعقل والوجدان والشعور والاحساس وبقايا الحياة في أبناء أمتنا المشوهين هي ” المراءاة” بحسب ما ورد في الانجيل البشير وهي “النفاق” بحسب ما جاء في القرآن الكريم . و” المراءاة والنفاق” هما صفتان لحقيقة واحدة لا تصدر الا عن طبيعة شريرة يستحيل اصلاحها ولو اجتمع أهل الأرض جميعاً في ورشة الاصلاح ومختبراتها، وآذرتهم في ذلك جميع خلائق من في الكواكب الأخرى اذا كان فيها من خلائق .

فالمراءاة والنفاق طبيعة،وكذلك الصدق والأمانة طبيعة. فلا المرائي المنافق يمكن أن يكون صادقاً أميناً . ولا الصادق الأمين بمقدوره أن يكون مرائيا منافقاً مهما اشتدت الضغوط ،وعظمت الأهوال. والأمثلة على ذلك في التاريخ كثيرة من أليسار وهنيبعل فاديا قرطاجة، الى زنوبيا المضحية في سبيل تدمر، الى السيد المسيح الفادي لانتصار قيم الروح والمحبة، الى النبيّ محمد المُضَحِّي لترسيخ تعاليم مكارم الأخلاق والرحمة بين الناس ، الى الحسين الشهيد المقدّم أبناءه ونفسه لانقاذ مباديء الحرية والعز والسلوك القويم ، الى يوسف العظمة الرافض سقوط البلاد من دون مقاومة ، الى المعلم الفادي سعاده الممهر رسالة الحق والخير والجمال وخاتمها بشكره ودمه. لا بتردد وخوف وجبن، ولا بحبر ٍ تعددت ألوانه وأصباغه.

فجميع الواردة اسماءهم كانوا ويستمرون ما بقي الزمان منارات مضيئة وخالدة لأجيال أمتنا القادمة لترسيخ قيم الصدق والأمانة وهداية التائهين الى طريق الحياة الراقية والمُثثل السامية .

هذا هو الحزب السوري القومي الاجتماعي” للذين وحّدوا ايمانهم فيه” حزب اٌقوياء لا ضعفاء . حزب أعزاء لا جبناء . حزب ابطال منتصرين لا حزب اذلاء مقهورين.وقد قالها مؤسسه بالفم الملآن : “اذا كان القوميون الجتماعيون ضعفاء وقيتهم بنفسي وجسدي، واذا كانوا جبناء أقصيتهم عني ، واذا كانوا أقوياء سرت بهم الى النصر.”

موت الحزب والحزب غير موجود

يضيف الرفيق جان داية الى كلامه السابق هذا المقطع ” يبقى أن الشاعر الناثر المبدع الذي دشن حياته العامة باعتناق عقيدة سعاده وانضوائه في حزبه منذ اواسط اربعينات القرن الماضي،واستمراره عضوا ومسؤولا طيلة 15 سنة،لم يكن الوحيد الذي جمّد نشاطه الحزبي واعتبر أن الحزب الذي انتمى إليه لم يعد موجودا.أولم ينشر الشاعرالناثرالمبدع محمد يوسف حمود مقالا في صحيفة ” النهار” بعنوان:”سعاده يقول: هذا “الأحزاب” ليس حزبي”؟وقد فعل ذلك خلال تجميده لحياته الحزبية المديدة التي بدأها في أواسط ثلاثينات القرن الماضي. ولكن الفرق بين مؤلف” قالت الارض”ومؤلف”في زورق الحياة ” أن الاول لم يكتب الا القليل عن سعاده خلال تقاعده الحزبي الطوعي، في حين كتب الثاني القليل عن غير سعاده وعقيدته وحزبه خلال تقاعده القسري”                                  

فالحزب كما يذكر الرفيق جان داية بالنسبة “للشاعر الناثرالمبدع أدونيس مات، والحزب بالنسبة للشاعر الناثر المبدع محمد يوسف حمود لم يعد موجوداً “. وكأن المعلم أنطون سعاده أسس الحزب من أجل الشاعرين الناثرين المبدعين أدونيس ( علي أحمد سعيد) ومحمد يوسف حمود ولم يؤسسه من اجل نهضة الأمة السورية ! وكأن هذان الشاعران الناثران المبدعان يختصران تاريخ الأمة التي كانت مهداً لحضارة الأمم . وكأن الأمة السورية قد أصبحت عاقراً بعدهما وبعد غيرهما من أمثال يوسف الخال وسعيد عقل وصلاح لبكي وغيرهم ولم يعد بامكان أمتنا ان تنجب أشعر وأبدع وأروع وأبلغ من اولئك! فلنقرء ما كتبه محمد يوسف حمود في مجلة المواسم عام 1966 لصاحبها الرفيق ايليا ابو شديد ومدير تحريرها الرفيق جورج مصروعة عما حصل معه عام 1962 يوم كان عشرات الآلاف من الرفيقات والرفقاء السوريين القوميين الاجتماعية يئنون ويتعذبون تحت سياط الجلادينن وفي عتمات السجون وعلى مسالخ التعذيب والاضطهاد والموت في تلك السنوات العجاف في عهد طغيان فؤاد شهاب وزبانيته حين كتب محمد يوسف حمود : ” للمناسبة : أتاحت لي هاتيك الزيارة الرئاسية أن أرفع بيدي الى يد فخامة الأمير اللواء الرئيس مباشرة بعض مؤلفاتي باهداء خططته باخلاصي وختمته بولائي … وبعد أيام معدودة فيما كنت انتظر رسالة شكر جمهوري على هديتي اجتاحتني موجة اعتقالات مطلع عام 1962 لأن جماعة كنت فيهم واعتزلتهم بل هم طردوني من بينهم منذ سنوات ، حاولوا اغتصاب سلطات الرئيس الذي كنتُ عنده أمس أمحضه ولائي . ” ويضيف : ” في تلك الآونة الراعبة كانت شقيقتي لدى خياط نساء العائلة،وصدف انحباس المطر الكانوني طويلاً فقالت لمن هناك من الزبونات ” اذا غضب الله على قوم جعل صيفهم شتاء وشتاءهم صيفاً ” فقرصتها احداهن هامسة لها: هس، الخياط قومي

ويتابع محمد يوسف حمود في مقاله الذي جاء تحت عنوان (في هاتيك الأعوام) : ” لقد بتُّ أكره مؤلفاتي تلك ، وأكره رؤيتها محنطة في مكتبتي ، ويوجعني الحديث عنها … تماماً كما يمقت محارب قديم ذكر جراح في جبهته ويكره رؤية آثارها ويوجعه الحديث عنها ، على أنها جراح في الوجه لا في القفا – جراح اقدام لا جراح انهزام … أتتهامسون علي يأسي ؟ ألم أقل لكم أنه كان على شفتي كتاب عنوانه ” كفرتُ بأمتي ؟

الحزب السوري القومي الاجتماعي في نظر أدونيس مات وفي نظر محمد يوسف حمود لا وجود له و”حكم الموت واللاوجود” بهذه الخفة وبهذا النفس غير المسؤول لا يمكن الا أن يكون أفراز خرف أو تثاؤب يأس واحباط ،ولكن الحزب السوري القومي الاجتماعي العصيّ على كل منغصات الحياة يقول بلسان أعضائه بفضل عقيدة الحزب ومبادئه وغايته ومناقبيته واخلاقه ، وبفعل مدرسته الحياتية المناقبة الثقافية الراقية يقول : مغفورة أخطاء وخطايا كل من مرّ في تاريخ الحزب وترك ولوبصمة عطرأو شرارة نور أو لمحة ابداع أو أطعم جائعاً لقمة ، أو قدّم لظمآن نقطة ماء ، أو ساهم بشيء نذير في مسيرة الحركة السورية القومية الاجتماعية الظافرة لأن هذا الحزب لا يحفظ ولا يحافظ الا على ما هو حق وخير وجمال وكل ما عدا ذلك تذروه رياح زوبعة النهضة وتجعله هباء .

ان سعاده الذي قال ” كل ما فينا هو من الأمة السورية ، وكل ما فينا هو من الأمة السورية . الدماء عينها التي تجري في عروقنا عينها ليست ملكنا بل ملك الأمة السورية متى طلبتها وجدتها ” بقي صادقاً أميناً محترماً لكلامه حتى لحظة الوفاء ،وتقديم دمه في وقفة عزٍ عزّ نظيرها في التاريخ . فلم يخن وطنه ولم يهدد بخيانة وطنه نتيجة احباط كما فعل محمد الماغوط ، وما كفر بأمته كما تفوه محمد يوسف حمود بعامل يأس ، ولم يعلن موت حزبه في لحظة خرف وهذيان كما تثاءب أدونيس،بل ظل سعاده أمينا لعقيدته وحزبه وقسمه رغم معرفته الأكيدة بتآمر المتآمرين من داخل الحزب ومن أبناء أمته ووطنه ومن الغرباء الطامعين باحتلال بلاده .

فهل يعي ويدرك المبوقون ضد الحزب من أعضائه ان أخطاء بعض المسؤولين في دوائر الحزب العليا او المتوسطة او الدنيا لا تعطيهم الحقوق أن يثوروا على العقيدة، ويدمّروا النظام ، ويستبدلوا المناقبية الأخلاقية بالمثالبية ،ويخونوا الوطن ،ويكفروا بالأمة، ويعلنوا موت الحزب الذي هو المقدمة للقضاء على عقيدة نهضة الأمة السورية والعودة الى عهد القطعان والاستقرار في مقابر التاريخ ؟

ألم يعتبروا بقول سعاده :” العقل هو الشرع الأعلى والقانون الأساسي” الذي يستطيعون اذا اعتمدوه ان يميّزو بين قوة ضمان النهضة وتحقيقها وتنميتها التي هي العقيدة والحزب والمناقبية الأخلاقية وبين الأشخاص الذين يتحملون مسؤوليات ، ويصيبون ويخطئون ، ويأتون ويذهبون ؟

أن حزب العقيدة السورية القومية الاجتماعية الذي أنشأه المعلم سعاده من أجل تحقيق نهضة الأمة السورية وخروجها من ظلمات الجاهلية والهمجية هو : نبع نور ومحبة ورحمة واخاء ورفق ، وشعار أعضائه الصادقين المخلصين الباقي الى الأبد هو قول سعاده : ” سواءً فهمونا أم أساؤوا فهمنا فاننا نعمل للحياة ولن نتخلى عنها “.

الرفيق يوسف المسمار                                                                       البرازيل – كوريتيبا في 27 / 05 / 2017

 

إقرأ أيضاً

الطبعة الثانية من كتاب : العالم الاجتماعي والفيلسوف أنطون سعاده

صدور الطبعة الثانية في البرازيل من كتاب العالم الاجتماعي والفيلسوف انطون سعاده اعداد وترجمة الرفيق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *