هـو إنـسـان-النهضة وليس إنـسـان-التطـور
حياة ألأمـم تـخـضـع لـنـواميس . ومن هذه النواميس ناموس التطور .
وناموس التطور هذا هـو حـركة طبيعية تلقائـية تنقل ألأمة من حـال
الى حال ، ومن وضـع الى وضـع ، فتزداد ألأمة قـوة ً ونـمـواً ، ويشتد
عـودها في سير التاريخ صـلابـةً ومـنـعـة ، فتحتل مكانها في دنـيـا
الثقافة والإنتاج ، وتـأخـذ دورهـا في صراع الحضارات والعـمـران .
إلا أن هذا المجرى ليس واحـدا ً لجميع ألأمـم . بل ان لـكـل أمـة خـط
ســـيرها ، وخـطـط نفسـيتها وإن تشابهت جميع ألأمم في البدايات،
أو تـلاقـت في الأمـنـيات والأحـلام .
ولذلك فقد تمايزت ألأمـم في عالمنا بين قويّـها وضـعـيـفـها ، فـنـمـا
بعضها وكـَـبـُـرَ بفاعلية الـنـمـوّ وعزيمة الصـراع ، فأوجـد لـنـفـسـه
مكانا ً مـرمـوقا بين الأمـم . وشــارك في حـركة الثـقافة والحـضارة
الإنـسـانيتين ، بينما ضـَعـُـف بعضها وصـَغـُـر َ بعامل الخـمـول وفقدان
العـزيمة والثـقـة بالنفس فـفـقـد سيادته وتحكمت بمصيره أمـم أخرى
وســيـطـرت على مقدراتـه وامكاناته وموارده فانتهى فـاقـد ألأهـلـيـة
في عالم ليس فيه لغـير ألأقـوياء مـكـان .
لكـن نامـوس التطـور ليس وحـده الحاسـم في حـياة الأمـم ، بـل يشاطـره
في ذلـك الحـسـم قـانـون آخـر هـو قـانـون حـركـة الصـراع والتـقـد م
الإنـسـانـيـيـن الـذي يـجـعـل من الإنـسـان جـانـبـا ً سـلبـيـا ً في مـواجـهـة
الطـبـيـعـة . فـلا يـكـتـفي بالإنـفـعـال بـل هـو يـتـفـاعـل يـنـفـعـل ويـفـعـل.
فيكـون للأمـم الـفـاعـلة غـيـر مـصـير ألأمـم المـنـفـعـلة . ويـكـون للأمـم
المـنـكـوبة المـسـتـسـلمـة غـيـر مـصـيـر الأمـم المـنـكـوبة النـاهـضـة .
وفي مـواجـهـة الكـوارث والنـكـبـات تـُمـتـَحـَنُ الأمـم في إصـالتـها وفي
مـواهـبـها وفي قـدراتـهـا فـتـتـمـايـز وتـتـنـوع . فـحـيـُّـها يـصـمـد
ويـواجـه ويـصـارع ويـنـتـصـر . وخاملها يـنـهـار ويـســتـســلم
ويـخـضـع ويـمـوت ويتلاشى .
وإنـقـاذ ألأمـم الحـيـَّـة الجـميـلة النـفـسـية ، والعـظـيـمة المـرامي
والمقا صد لا يـتـحـقـق إلا َّ بـمـمارسـة البـطـولة المـؤيـدة بـصـحـة العـقـيـدة كـما أوضـح المـعـلم أنـطون سـعاده حـين قـال :”وقد تأتي أزمنةٌ مليئة بالصعاب والمحن على الأمم الحيَّة فلا يكون لها إنقاذ منها إلا بالبطولة الواعية المؤيدة بصحة العقيدة . فاذا تركت أمة ما اعتماد البطولة في الفصل في مصيرها،قرّرته الحوادث الجارية والإرادات الغريبة .”
ولأن أمـتـنا نـُكـِبـت بأعـظـم مـا تـكـون النـكـبـة من غـيـاب الـوعـيّ،
وفـقـدان الـسـيـادة ، وتـفـتـت المـجـتـمـع، وتـفـسـخ الـوطـن، والإئـتـمار
بـمـقـررات الأعـداء ، والـدوران في أفـلاك المـسـتـعـمـرين ،فإن القول
المـتـقـدم هـو أول مـا يـجـب أن نـفـهـمـه الآن ، ويـرافـق وعـيـنا في
كـل آن . وبـه يـجـب أن يـعـمـل جـيـلنـا الحـاضـر وكل أجـيـالـنـا
الـقـادمـة . وبـغـيـر ذلـك فـإنـنـا نـســيـر من ســيءٍ الى اســـوأ ، ومن
أســوأ الى أســوأ مـنـه مـعـرضـين بـذلـك أمـتـنـا الى أحـد مـصيريـن
قـاتـمـيـن قـاتـلـيـن هـمـا : إمـا الـذوبـان في مـجـرى نـهـضـة أمــة
حـضـاريـة قـويـة ، وإمـا الـدوران في فـلـك تـبـعـيـة امـة مـن ألأمـم .
وبـهـذا نـكـون قـد تـنـازلـنا عـن حـقـنا في الحـياة والحـريـة،وأعـطـيـنا
الـدلـيـل الأكـيـد على أنـنا غـيـر جـديـريـن بالحـيـاة الحـرّة الـعـزيـزة ،
ولا نـسـتـحـق أن نـكـون من أبـنـائـها . لأن أبـنـاء الحـياة العـزيـزة
هـم الـواعـون الـمـؤمـنـون الـمـصـارعـون الـمـنـطـلقـون من معرفة
قـضـيـتـهم ، والعـامـلـون بالإيـمان العـظـيم الـذي فـيـهم،من أجـل تـثـبـيـت قِـيـَمـهـم ومـناقـبـهـم في صراع الإنـتـصار والـتـفـوّق .
إنـهـم أولـئـك الذيـن يـعـرفون كـيـف يـلجـون أعـماق تـاريخ أمتهم،
فـيـسـتـمـدون من مـواهـبـها الأصـيـلة روح نـهـضـة مـجـتـمـعـيـة
تـفـعـل في الـمـجـتـمـع هـزا ً وإيـقـاظـا ً وتـفـجـيـرا ً، وتـتـحـقـق بـه
وفـيـه حـيـاة ً مـتـجـددة ً جـديـدة ً جـيـّـدة بـكـل مـا تـتــضـمـنـه هـذه
الـحـيـاة مـن وعيّ وإيـمان ومـعـرفة ومـنـاقـب وفـضـائـل ومـُثــُل.
وتـتـجـسـَّـد في حـركـة عـقـلـيـة نـظـامـيـة نـهـضـويـة .
حـركـة النـهـضـة هي المـخـتـَبـَر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان حـركـة عـقـليـة نـظـامـية نـهـضـوية هي وحـدها التي تـعـَبـّر عن النـهـضـة وعـما تـطـمـح اليه ، وهي المـخـتـبـر لـصـهـر الطاقات والإمـكـانـيات الإجـتـماعـية ، وهي هي الـمـمـر الإجـباري لخلق وتكوين ونـشـوء إنـسـان ـ الـنهـضـة المـُعـَبـِّـر حـقـيـقة عن الإرادة الشعبـية ، لا الـمـمـثـل لها في عـمليات تسويات ومساومات . وبدون هذه الحركة النـظـامـية النـهـضـوية الواعـية ، لا يـمـكن لأمـتـنا الحـضـارية الـمـنـكـوبة أن تـجـد طـريـقة إنـقاذها ، ولا يـمـكن أن يـكـون لها مـكـان ودور بين الأمـم . ومن أصـعـب الصـعـوبات أن تـدرك تـحـقـيـق أغـراضها ومـقاصـدها الكـُبرى .
انـتـظار التطـوّر عـامـلٌ مـُدَمِّر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنَّ الـذين يـملأون مـســامـعـنا كل يـوم قـولا ً وكـتابة وإعـلاما ً
ودعـاية ً بـكـلمة ” التـطـور ” ويـدعـونـنا لإنـتـظار فـعل التـطور
الـذي ســيـغـيـِّـر مـعـالـم حـياتـنا ، فـاتـهم والتـبـس عـليـهـم أنه أذا
صـح َّ أن يـكـون التـطـور مـثـمرا ً مـنـتـجا ً في ألأمـم الـتي لم تُنكب
بـتـدمـيـر حـضـارتها ، فإن إنـتـظار فـعـل الـتـطـور هـو أكـبـر عـوامـل
تـدمـيـر ألأمـم الـمـنـكـوبة بـتـشــويه نـفسيتها ، ومـســخ عـقـليـتـها ، وتـفـتـيـت كـيـانـها .
ومـصـيـبـتـنا الكـبـرى هي في حـملة الشهادات والإجـازات المـدرسية
من أبـنائـنا الـذين يـتـباهـون بالإجازات والشهادات ، والمـخـدرون
بـكـلمة ” التـطـور “، والمـسحــورون بها بـســبـب مـا فـعـلـت فيهم
الثـقافة المـدرسية الزائفـة المـسـتـوردة المـُضـَلـِلـَة حـيـن خـَرّبـَت نـفـسـياتـهـم ، وعـَطـَّـلت مـجـاري تـفـكـيـرهـم ، وقـتـلـت فـيـهـم روح الـمـبادرة والإبـداع ، والإســتـقـلال الـروحي ، والشـعـور بالعـِزة ، فاســتـسـلمـوا للأمـور المـفـعـولة المـفـروضـة مـُعـَـطـّليـن بـذلك فـعـالية الحـياة فـيـهـم ، كـأنـما هـم دمى مـتـحـركة في واجهات المتاجر
والمـخازن وظـيـفـتها استلفات انـتـباه المـارة واضـحاكـهم .
إنـنا أمـة شـــوَّه الغـُزاة البـرابـرة المـتوحشون نـفـسـيات أبـنـائـها
وليس أخـطـر عـليـنا اليـوم من إنـتـظار فـعـل ” التـطــور ” لأن
الســتـة قـرون الماضـية التي مـرَّت على أجـيالنا ، حيث عاش إنـساننا
خـلالها مـُعـَلـَّـبا ً في قـوالب ألأنانية والعـرقـيـة والطـائـفـيـة والمذهبية
والعـشــائـرية والمـناطـقـية ومـحاباة الغـزاة والسـمـسـرة والخـِداع
قـد حـَوَّلت خـط ســيرنا الحـضاري ، ومـسخـت نـفـوس الكثيرين من
أبناء أمتنا ، وعـطـلت فـعالية عـقلنا الخـلا َّق ، حـتى خـُيـِّـلَ للعـالـم
أنـنا الأمـة الـتي انـتـهـت والى الأبـد ، مـما ســهـَّلَ للمسـتـعمرين
الغـُزاة المجرمين ان يـمـعـنوا في تـقـطـيع جـســم أمـتـنا المريضة
المنكوبة في أخـطـر وأبـشع وأجـرم عـمـلية تـشــويه عـرفـتـها
الإنـســانية في كل أدوار تاريـخـها بحيث لـم يـظـهـر فـيها نـبض
يشير الى بعض أمـل في الحـياة باســتـثـناء بـعض التـمـلـمـل الـذي
كـان يـحـصـل من وقـت لآخـر فيزيد ونه تـخـديـرا ً بـغـيـة استكمال
العـمـلية التشويهية البشعة التي مـَزقتنا أمة ً ووطـنا ً ، لتـقـيـم
على أنـقاض الأمة عـقـليات مـتـنافـرة مـتـباغـضة مـتـحـصـنة
بأمراض الأنانـية والعـرقـية والإقـطاعـية والطائـفـية والـغـبـاء .
ولـتـجـعــل مـن الـوطـن مـداخـل عـتــبـات لأحــذيـة اليـهـــود والأترك والمستعمرين الغزاة الهمجيين ، وكل الأعـداء المـتـربصين .
مـهـمـة حـركة الإنـقاذ الـنـهـضـوية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يـجـب على حـركة الإنـقاذ الـنـهـضـوية الواجب قـيامها في أمتنا أن
تـبـحـث وتـفـتـش عن الخلايا الحـيـّة في جـسـم أمـتـنا المـشوّه لـتـبـدأ مـن تـلك الخـلايا الحـيـّة بالـذات بـتـعـمـيـم الحـياة العـزيـزة في جـسـم الأمة كـلهـا ، كما يـجـب عـليـها أن تـكـون مـخـتـبـرا ً لـصـهـر الخـلايا الحـيـّة فـقـط وإطـلاقـها لتـفـعــل فـعـلـهـا .
الحـركة المـنـقـذة هي الـتي تـكـون نـتـيـجـة فـهـم عـمـيـق لمجتمعنا
في نـشــوئـه وتـطـوره وكيفية ارتـقائـه . تـبـدأ بـخـلاياه الحـيـّة ،
وتتجـه اليه بـكـل فـئـاتـه وطـوائـفه ومـذاهـبه وأصـوله ومناطقه
وأتنياته وكـل أجـيـالـه داعـيـةً مـجـمـوعـه لمـمارسة الحـيـاة الجـديـدة الجـيـّـدة . فـلا تـسـتـبـعـد مـن أبـنائـه أحـدا ً، ولا تـتـنـكـر لـمـذهـب مـن مـذاهـبه ،ولا تتجاهل اتنية من اتنياته ، ولا تـنـصـر فـريـقا ً على فـريق ، ولا تتهاون بـحـق أحـد لأنـها تـقـوم على مـبـدأ جـديـد هـو مـبدأ ” ألإخـــاء القـومي الإجـتـماعي ” الـذي هـو بالضـبـط مـبـدأ الإخـاء القومي العـام الشامـل الـذي يـضـع حـدا ً للجـزئـيات والعـصـبـيات والأنانيات ، ويـضـع حـدا لسـلطـة العادات والتقاليـد القـديمة البالية الرثـة العـفـنة ليـعـمـم مـكـانـها الإخـاء في كل فـئـات المـجـتـمـع ، وبين جـمـيـع أبـنـاء المـجـتـمـع حيث لا فـضل لأحـد على أحـد إلا َّ بـقـدر ما ينتج ويبـبـدع ويـمارس ويـعـمل لـخـيـر المـجـمـوع وســعـادة الأمة
ورقيّ أجـيألها القادمة .
وانـنا نـرى أن التـشـكـيـلات الشــخـصـيـة والفئـوية التي ظـهـرت
في بـلادنا بـعـامل الخـوف والتـخـويـف هي مـرض يـمـكن اجتثاثه،
وهي ليست سوى الحـصـون الأخـيـرة المـتـمـتـرسة فيها قـوى
الرجـعـة المـدعـومـة مـن الإرادات الأجـنـبـيـة العـدوة التي أنشأتها
يـوم خـرج شــعبنا مـن قـوالب الإستعمار العثماني، ومعلباته الكريهة،
وسمومه البغيضة حيث أصابه ما أصاب جماعة أهـل الكـهـف
الذين استيقظوا بعـد غفوتهم الدهرية ليستغربوا كل شيء ،
وليستهجنوا كل شيء ، وليتنكروا لـكل شيء يدور حـولهـم .
واقـع مـجـتـمـعـنا المـريـض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن مـجـتـمـعـنا المنكوب مـُصاب بـمـرض خـطـيـر . وعـلى الحـركة النـهـضـوية المـنـقـذة أن تـفـهـمـه وتـتـفـهـَمـَه لـتــنـقـذه مـما هـو فـيـه . فـهـو يـتـحـرك بـالعــقـــلـيـات المتـنـافـرة المـتـنابـذة . ويـعـمـل بالنفـسيات المـتـعـصـبة المـتـبـاغـضـة .
يـرى الطـائـفـيـة العـمـيـاء المـخـَر ِّبة دينا ً مـُنـزلا ً . ويـفـهـم العـرقـيـة الفـاســــدة المـفـســِدة أســاسـا ً لـلشــرف والكـرامـة . مـُسـلـمـوه المـسـيـحـيون مـُـعـَقـَّدون بـمـسـلـِمـيـه المـحـمـَديـيـن بعد أن حوَّلوا أفئدتهم عن المسيح وأهملوا تعاليمه المحبّة .
ومـسـلموه المـحـمـديون مـمـروضـون بمسلميه المسيحـيين بعد أن حجّبوا عقولهم لكي لا يروا محمد وتخلوا عن مكارم أخلاقه .
أمـمـه بـعـدد بـقـايـا أقـوامـه المـنقـر ِضـة المـُتـَحـَجـِّـرة . وبـقـايا أقـوامـه المتـحـجـرة مـُتـَخـَـذة حـجـة لـتـعـدد أمـمـه .
الانـكـماش في بـعــضه عـقــدة ُ الخـائـفـيـن العـاجــزيـن .
والانـفـلاش في بـعـضـه الآخـر عـقـدة المـهووسين الحـالمـيـن.
أتنياته أمراض سرطانية روحية آسنة ، وطائفياته أوبئة فكرية عفنة ، ومذهبياته مكروبات عقلية معدية .
حـقـيـقـة واقعه أكثــرية وأقليات ، وواقع حـقـيـقـته بـؤرة أمراض
وعـاهـات ومـفـاسـد وتـشـوهـات .
إنـه فـسـيـفـساء أنـظـمة ، وفـوضى مـفـاهـيـم ، وتـخـبـط نظريات ، وتـشـنـج عـصـبـيـات ، واضـطـراب افـكار ومشاعر.
لـكـل الاسـبـاب المـتـقـدمة كـانت مـهـمـة المـنـقـذيـن صـعـبـة
جـدا ً ، وكـانـت مـسـؤولـياتـهـم مـتـعـددة وجـسيـمـة وكـبـيـرة ،
وهي تـحـتاج الى كـفـايـة مـن الـوقـت لأن “الـوقت شـرط ضروري
لـكـل عـمـل عـظـيـم ” كما عبّر ذلك سعاده، وتحتاج ايضاً الى جبابرة من بنات وابناء الحياة يمارسون البطولة الواعية فكراً وعملاً وابداعا .
إلا أنه على الـرغم مـن صـعـوبة المـهـمة ، وجـسامة المسؤولية ،
وضـرورة تـوفـر الـوقـت ،والحاجة الى بنات وأبناء حياة ناهضة استثنائيين فإن طريـق الإنـقـاذ الوحيـدة لا تكون إلا بالمـبادرة والـتـصدي والإبـتـداء.
كـيـف نـبـدأ ومـاذا نـريـد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عـليـنا أولا ً أن نـبـدأ من مـعـرفـتـنا لـهـويـتـنا عـن طـريق عـودتـنا
الى الـجـذور، وعـن طـريـق الـرؤيـة الـشامـلة لـتاريـخـنا. فـلا نبدأ بهذا التاريـخ من حـيـث يـسـتـذوق الـبعـض أن نـبـدأ . بـل نـرى تاريـخ أمـتـنا على حـقـيـقـته ، ونرى أمـتـنا على حـقـيـقـتها الـتي هي ” وحـدة الشـعـب المتـولـدة من تاريخ طـويل يرجع الى ما قبل الـزمـن التاريخي الجـلي “على وفي هـذه البـقـعـة المـمـيـزة مـن الأرض التي هـي أرضـنا ، والتي كانت وما زالت مسرحا لنشاط أمـتـنا في تـعاقـب أجـيالها ، والـتي نـشأت عـليـها حـضـارتـنا وتـحـضـن تـراثـنا ، والـتي عليها وعلى بقائـها ودوامـها لـنا يـتـوقـف مـصـيرنا ودوام ورقي أجـيـالنا الآتـيـة .
ونـرى أيـضا ً أن شـعـبنا في نـشـوئـه وتـطـوره وارتـقـائـه لا يـتـحـدر مـن سـلالـة مـعـيـّـنـة بـل يـتألـف ويـتـكـون من مـزيـج سـلالي
مـتـجانـس مـمـتاز . يـشـهـد لـه التاريـخ بأسـبـقـيـته في الحضارة وفي العطاء الثـقـافي الفكري العلمي الفني الراقي . ويروي لـنا كـيـف جـمّـده
الغـزاة البـرابـرة المـتـوحشون وحـوّلـوا خـط تـطـوره من التقدم الى التـقـهـقـر ، فـوجـب عـليـنا الآن ان نـنـبـذ انـتـظار فـعـل التـطـور الـذي هـو حـركة تـلقائية غـيـر مـدركة ، ونـبـدأ بـتـكـريس فـعـل الـنـهـضـة الـتي هـي فـعل وعـيّ وتـخـطـيط عـاقـل نظامي وهـادف .
والـنهـضة الـتي نريـد تحـقـيـقها لا يمكن ان تكـون أو تـقـوم الا بتجسدها الفعلي العـملي في حركة عـقـلية نظـامية مناقـبـية مصارعـة تـستمـد روحها وقـوتـها من مواهب الأمة وتاريخـا الثـقافي الحضاري . وتـركـِّـز على مـا تـبـقـى مـن الخـلايا الـحـيـّـة في جـسم الأمـة لـتـبـدأ مـنـها ومـنها بالذات بـتعـميـم الحـياة الجـيـدة الجـديدة ، والبعث القـومي الاجتماعي الجـديـد .
فـترى مـثلا في مـواقـف أبـطالنا وشـهـدائـنا مـنارات حـيـاة تـسـتـطـيـع
اشـعاعـاتـها أن تـدب في جـسـم الأمـة كـلها وعـيا ً جـديـدا ً ،
وإيـمانا ً جـديـدا ً ، وصـراعا ً تـقـدمـيا ً لا يـقـبـل لـنـمـوه وتصاعده
ورقـيـه حـدودا ً .
كـيفية عـمل حـركـة الإنـقاذ النـهـضـويـة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهـذه الحـركـة النـهـضـوية الإنـقاذيـة المـؤهـلة لـتـوعـيـة المـجتمع
وتـحـريـره وانـقاذه وقـيادته وتـرقـيـته هي المـخـتـبـر لصـهـر طـاقـات الشـعـب كـله في وحـدة نظامـيـة عـقـلية اخلاقـيـة تـكـون مـخـرجا ً حـضـاريا تـمـدنـيا مـناقـبـيا فتخرج جـمـيـع بقايا الجماعات المتمترسة
في قـوالبـها المـتـحـجـرة ، وأشـكالها المـتـخـلـفـة ، ومؤسـسـاتـهـا
العـتـيـقـة الباليـة من الواقع الأليم المخزي في حبوس تلك القوالب والأشكال والمؤوسسات .
والـحـركة النـهـضـوية بـهـذا المـعـنى وعلى هـذا المـسـتـوى الراقي
لا يـجوز لـها أن تـدعـوا إلى لـمّ الناس وجـمـعـهـم كـيـفـما اتـفـق ،
وبأي وسيلة أمـكن فـتـضـم مـثـلا ً الأنانيين والفئويين والمرتزقة
والنفـعـيـين والخونة من مسلمين مسيحيين ومسلمين محمديين في تسوية على غـرار التسويات والمصالحات الطائفية والعشائرية والشخصية التي
جـرت في بلادنا والتي كـانت وما تزال سـببا ً من اسباب ويلنا وبلائـنا
وتـخـلفـنا وضـعـفـنا وتـفـتـتـنا وتـعاسـتـنا وســوء حـالنا . وانما يجب
على حركة الإنـقاذ النهـضـوية أن تـتـوجه ، بوعي ومناقبية وإخـلاص والتزام بقضية تـحـسين مصير ألأمـة وتـجـويـده ، الى كـل عـقـول مواطنينا ونفوسهم وضمائـرهم ، فـتـناشـد وتـنادي وتـدعو كل مواطن مـسـلم مـسيحي واعي ومناقبي ليأتي اليها ، ويـنـخـرط في صـفـوف أعضائـها ، ويـعـمل بـمـبـدئـها القومي الإجتماعي الإخائي العـام المـوحـِّــد لا المـفـتـت ، حاملا الى هذه الحركة كل ما حـوته و تـضمنتـه وهـدفت اليه الرسالة الإسلامية المسيحية مـن قـيَـم وفـضائـل ومـناقب ومعارف سامية بحيث تـتحـول كل هذه القـيـَم والفضائـل والمناقب والمعارف لتـصـبـح قـيما ً وفضائـل ومناقب ومعارف لـكل أبناء الأمة وليست فـقـط مـحـصـورة بالمسلمين المـسـيـحـيـيـن وحـدهـم .
وهذه الحركة لا تـشــتـرط على هذا المواطن المسلم المسيحي إلا احترام عقائـد ابناء الأمة الآخرين ،والتخلي عن كل ما عـلـق بالمسيحية الطائفية المذهبية من القشــور المشوهة ، والاشكال المـزيفة ، والافكار الدخيلة المسممة التي كانت تشويها ً لرسالة السـيـد المسـيـح وروحها السـمـح الإلــهي والإنساني العظيم .
وهذه الحركة النهضوية الإنقاذية تـدعو في الوقت ذاته وتناشد بالطريقة ذاتها كل مواطن مسلم محمدي ليأتي اليها وينضم الى صفوف أعضائها ويعمل بمبـدئها القومي الإجتماعي الإخائـي العام الموحـِّـد لا المفـتِّـت ، حـاملا ً اليها كل مـا حــوتـه وتـضـمـنـته وهـدفت اليه الرسالة الإسلامية المحمدية من قـَيـَم وفضائـل ومناقب ومعارف سامية ، بحيث تـتـحـول كل هذه القـيـَم والفضائـل والمناقب والمعارف السامية لتـصـبـح قـيـَما ً وفضائـل ومناقب ومعارف لكل أبناء الأمة ، وليست فـقـط مـحـصـورة بالمسلمين المحمديين وحدهم .ولا تشترط على هذا المواطن المسلم المحمدي إلا احـتـرام عـقـائـد ابناء الأمة الآخـرين ، والتخلي عـن كل ما عـلـق بالإسلام المحمدي الطائفي المذهبي مـن القشــور المشوهـة ، والاشكال المزيفة ، والافـكار الـدخيلة المسممة التي كانت تـشـويـها ً لرسالة النبي الكريم محمد وروحها السـمـح الإلهي والإنساني العـظـيـم .
انـها بـشـكـل آخـر ، تـتـجـه وتـتـوجـه الى كـل ذي بـصـيـرة مـن ابناء
أمـتـنا ، وكـل ذي وجـدان حـيّ ســليـم، وكـل مـن هـو على سوية
راقية من الـوعي ومـن الخـُـلـُـق الكريم ،لكي ينتمي الى هـذه
الحـركة بـكل إرثـه من الوعي والفـضـائـل والمـناقب مـقدمة لـه
نـظـرة انسانية جـديدة راقية مـبـدؤهـا الـوعي والـهـُدى ، ومـجـالـها
المـعـرفة والعـلم ، ونـشـــاطـها مـمارسة الحـكـمة والاخـلاق
والصـراع الفـكـري ، وأهـدافـها ومـراميـها مـُـثــُـل عـظـيـمة تـتـوالـد
بـاسـتـمـرار وتـتـسامي مـن ســماء الى ســماء ، ولا تـعـرف
ســماواتـها نـهايـة .
هـذه هي حـركـة الانـسـان ـ النـهـضة الـتي تـتـعانـق فـيـها
وتـتـفاعـل كـل هذه المـزايا والقـوى ، حـيـث يـمـكـنـها في تفاعلها
أن تـنـمـو ، وتـُبـرعـم ، وتـُورق ، وتـُزهـر ، وتـُثـمـر ، وتـَنـضـُـج.
فـيـتـكـون بـهـذا التـفاعـل الـواعي الفـضائـلي المـناقـبي جـنـيـن
مـولـود الإنـسـان الجـديـد . انـسـان النـهـضـة والفـعـل والتـطـويـر . وليس انـسـان السكون والانـفـعال والتـطـور .انـسان الارادة الانسانية
الفاعلة . وليس انـسان اللاإرادة المـنـفـعـل . انـسـان التـجـدّد الـمـتـجـدّد المُـجـدّد الـذي تـكـون بـه الحـيـاة الجـيـدة الجـديـدة المـنـبـثـق عـنـها كـل شـيء جـديـد مـن فـكـر و شعـور وإحساس، وفـلـسـفة وأدب وديـن، وعـلـم وفـن وسـياسـة ، وتـشـريع وإدارة وتـخـطـيـط ، وخـطـط واقـتـصـاد وتـطـلـعات ، ومـوسـيـقى وعـادات وتـقـاليـد …الى ما هنالك وما يـمـكـن ان يـنـشــأ مـن المـظـاهــر الحـياتـية الاجـتـماعـية المـتـنـوعة المـتـعـددة . وكـل مـا دون ذلـك بـاطـل .
مـلامـح الإنـسـان الجـديـد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن هـذا الانـسان الجـديـد .انـسان ـ الـنهـضة المتـولـد مـن عـملية تـفاعـل الـوعي والفـضائـل والمـناقب مـع الـوعي والفـضائـل والمناقب هـو وحده الذي يـُـعـَـبـِّـر عـن بـزوغ روح ناهـضة جـديـدة مـتـحـررة من كـل فـكـر خـصـوصي جـزئي ،ومـتـجـهة الى تـحـقـيق حـالة نـهـضـوية عـامة في كـل مـناحي حـيـاة المـجـتـمـع . مـوقـظـة في جـمـيـع نـفـوس ابـناء المـجـتـمـع وحـدة ً روحـية ً عـامة ً شــامـلة لا تـرتـكـز على حـقـيقة نزعة فـرديـة أنانية أو جـزئـية خصوصية أو مـجـمـوعـية استعلائية تكفيرية . بـل تـرتـكـز على الحـقـيـقة الانسانية الكلية . حـقـيـقة الانـســان ـ المـجـتـمـع الذي يـحـضن الـفـرد ويـحـضـن الفـئـة ويـحـضـن الـشـريـحة ويـحـضـن الطائفة ويحضن المجموع ويحضن الكل ، وفوق ذلك يشمل الماضي والحاضر والمستقبل . انه الإنسان ـ العام الحاضن لجميع ابنائه ، والشامـل لـجـمـيـع أجـيـالـه . والمتـفاعـل مع أرضه عـبر التاريخ ، والمنشيء الحضارة في دورات ومراحل ، والمتـطلع الى معرفة المزيد من الرمـوز والاسرار واكتشاف المستور من مجاهـل الكون .
وانسان ـ المجتمع هـذا هـو انسان ـ العـقـل اي الانسان الروحي ـ المادي او المادي ـ الروحي الذي يـعـرف عناصره ومـكوناته ولا يـتـنـكـر لأي عـنـصـر مـنـها . بـل هـو مـقـتـنع ومـؤمـن عن وعي ويقين بأن “أساس الارتقاء الانساني هـو اساس مادي ـ روحي أي مدرحي “كما عبَّر عنه المعلم أنطون سعاده .
فالمكابرة بالروحيات او الماديات لا تـفـيـد المجتمع ولا الانسانية في شيئ ، لأن قيمة الروح الحقيقية هي في تجسدها حـركة وفعلاً. وقيمة االمادة الحقيقية هي في تألقـها فـكرا ً وابداعا ً وفـنا ً .
ولأن الانسا ن ـ النهـضة هو الانسان ـ المجتمع الذي هو إنسان ـ عـقـل ، فإنه حتما ً هو انسان ـ مناقب وقيم واخلاق ، ومـفاهـيمه هي مـفاهـيـم انسانية خـُـلــُقـيـة راقية سامية شاملة المجتمع .
وهو يرى الحـرية مـثـلا ً حـرية مـجـتـمـعـية قـومـية تـتـشـعـب فـي
المـجـتـمـع أفـقـيا ً لتـنـتـشر في الـجـيـل الحـاضر كـله، وتـمـتـد عاموديـا ً بـحـركـة خـلـفـيـة وأمامـيـة مـتـغـلـغـلة في الأجـيـال المـاضـية ، مـتـحـفـزة تائـقة الى الأجـيـال المـسـتـقـبـلة .
وبـهـذا المـفـهـوم لـم تـعـد حـرية الفـرد كما هي في الانـظـمة الـديقراطـية الفـردية التمثيلية تـقـف عـنـد حـدود حـرية الـفـرد الآخـر لـيـصـيـر في المـجـتـمع عـدد الحـريات بـعـدد الافـراد ، بـل أصـبـحـت حـريـة الفـرد في المـفـهـوم الجـديـد تـتـكـامـل في تـشـعـبـها وامـتـدادها في كـل المـجـتـمـع بـحـيـث لا تـكـتـمـل حـرية الفـرد إلا في امـتـدادها بـحـرية جـمـيـع أفـراد المـجـتـمـع جـمـيـعـهـم . فالـحـرية حـق عام وليست من الحـقـوق الخاصة . فاذا لم يكن المجتمع حراً فلا معنى ولا قيمة لحرية بعض أفراده سواء كانوا قلةً أو كانوا كثرة. ولهذا قال المعلم سعاده : ” اذا لم تكونوا أحراراً من أمة حرة فحريات الأمم عار عليكم ” وهل يُعقل أو يصح أو يجوز أن يكون الفرد حراً وأمته مستعبَدَة ؟
وبـهـذا المفهـوم الجـديد تـنـتـفي وتـزول مـفاهـيـم الإكراه والتسلط في
المـجـتـمـع ، وتـسـقـط مـفاهـيـم الاسـتـعـلاء والـدونـيـة ليـبـرزالمجـتمع كلـه أمـة ً واحـدة ً تـامـة ً كـامـلة ً حـرة ً لا تسمـح بأن تـُنـتـقـَص حـريـتـا ولو بـعـبـودية واستـعـباد فـرد ٍ واحـد ٍ مـن ابنائها .
الأمـة الـحـرة جـمـيـع أبـنائـها أحـرار ، ولا قـيـمـة للأحـرار إلا إذا كـانـت أمـتـهـم حـرة .
والحـرية الحـقـيـقـيـة لا تـكـون للضـعــفــاء بـل تـكـون للأقــويــاء . والأقـويــاء لا يـكـونــون فـوضـويـيـن بـل هـم النـظـامـيـون . والنـظـامـيـون لا يـحـق لـهـم أن يـكـونـوا متخاذلين بـل هـم المـسـؤولـون الـذين يـمارسـون واجـباتـهـم على أحـسـن ما يـكـون ويقومون بكل مستلزمات النـهـوض . والمسؤولون عـن النـهـوض ليسوا عـبـيـدا ًلا يـعـلمـون ماذا يـفـعـلـون . بـل هـم الأحـرار بـوعـيـهـم الـذين يـبـنـون دولة العـدالة القائـمة على الحـق والهـادفـة الى التـقـدم والـرقي ، والعـامـلة من أجـل ســلام المـجـتـمـع الـذي في ســلامه ســعادة الإنـسـان في حياة كـلـها مـحـبـة ورحـمـة وأخــوة وارتـقـاء وســـموّ .
أليست قـواعـد حـركـة نهضتـنا العظيمـة هي الحـرية والنظـام والقـوة والـواجـب ؟
انـسان ـ النهضة المجتمعي هـذا الذي نـريده ان يتكون ويتحقق في مجتمعنا هـو ما نريده ونعمل من اجله ، وهـو هـو بالذات النواة الحقيقية الدينامية القدوة لولادة الإنـسان ـ العالمي الناهـض الذي هـو خـلاصة تـفاعـل وتعاون وتـناغم حركات رقي الأمم ونهـضاتها ، وليس استـعـباد قـويـِّـها لضعيفها , وغـنيِّها لفـقـيـرها .
هـذه بعض مـلامـح الانسان السوري الجديد الذي هو الإنـسـان ـ النـهـضة القـادر وحـده بـوعـيه واخـلاقـه وارادتـه وحـريـتـه وقـوتـه ونـظـامـيـتـه أن يـقـوم بـواجـبـه فـيمحو مالحـِـق بـنا ومـا يـلـحـق ومـا سيلحـق مـن عـار ، وهـو نـفـسـه الإنـسـان ـ المـجـتـمـع الـذي نكـون بـه أمـة ً واحـدة ذات نـفـسية واحـدة ، وارادة واحـدة حضارية المنشأ والمنطلق والاتجاه والفعل والأهداف تستطيع أن تقوم برسالتها الانسانية نحو نفسها ، والى محيطها ، والى العالم فتكون بذلك أمة معلّمة وهادية في هذا الوجود .
وبهذا الانسان السوري النهضوي الجديد لا نركن ابدا ً لـتطورٍ تلقائي بطيء، ولا نـنـتـظـر تغـيّرات ظـروف،ولا نـنام على أحلام وعـود، ولا نرضى ســلام القـبـور ، ولا نـقـبـل إلا أن نـنـتـفـض ونـثـور ونسيـر بإرادتـنا لتـغـيـيـر واقـعـنا ، وتـحـقـيـق أغـراضـنا ومـُـثـُـلـنا العـليا ، فـنـكـون بـذلـك جـديـريـن بـمجـد الـحـيـاة العـزيزة ، ونـظـفـر بـرضى العـناية التي مـا وهـبـتـنا قـوى العـقـل إلا لـنكـون أسياد الـوجود والكون .
هذا هوالانسان السوري الجديد . انسان- النهضة وليس انسان- التطور.
الانسان السوري القومي الاجتماعي الناهض وليس الخامل المنتظر من ينهض به من ملائكة ، أو شياطين ، أو ناس ، أو مجريات أحداث .
هذا هو الانسان النهضوي الذي أراده العالم الاجتماعي والفيلسوف السوري أنطون سعاده للأمة السورية ووضع له نظرته الشاملة الى الحياة والكون والفن ، وعقيـدتـه السورية القـومية الاجتماعية التي فيها نهـوض سـورية ونهوض سائر الأمم ، ووضع له أيضاً نظامه السوري القومي الاجتماعي الأخلاقي الجديد الذي يحقق المحبة والرحمة في القلوب ويجتث الكراهية والنقمة منها ، ويفجّر طاقات العقول ويطلقها زوابع معرفة وفلسفة وعلم وفن تنشر كل خير وكل حق وكل جمال .
هذا هو انسان الأمة السورية التي أسس لها سعاده مدرسته الفكرية الرائدة وأطلق حركتها الفاعلة في الحزب السوري القومي الاجتماعي خاتماً رسالته بدمائه في الثامن من تموز، مفجّرا نبع تضحيات يتدفق مواكب بطولة في الفكر والارادة والابداع، وقوافل عطاء وتضحية وفداء من أجل تحقيق “حياة للأمة السورية أجود، في عالم أجمل، وقيم أعلى ”
الرفيق يوسف المسمار مدير اعلام عصبة الأدب العربي المهجري في البرازيل