البطل حبيب الشرتوني لا يطلب العدل من قضاة مُدانين يدينون الأبرياء ويُبرّئون المجرمين
من حِكَم الشاعر الحكيم بوبليو السوري المولود قبل ولادة المسيح ب85 عاماً :
1- ” تبرئة الخائن إدانة للقاضي”
2 -” القاضي هو المدين نفسه عندما يُبَرّيء المجرم ويدين البريء “
3- القاضي الظالم هو الذي يُبَرّر للخائن خيانته ويدين الأمين على أمانته “
كثرت في الآونة الأخيرة المقالات والآراء والمهاترات، والتحريضات والادعاءات وذر الغبار في العيون، وقرع الطبول في الآذان واثارة الحساسيات في النفوس، والتلاعب بالمشاعر والعواطف المتضاربة والمتعاكسة والمتعادية في قضية حسّاسة هي قضية مصرع المواطن بشير الجميل رئيس ميليشيا حزب الكتائب اللبنانية الذي انشأته الحكومة الفرنسية المستعمرة لاطالة أمد استعمارها بتجزئة الأمة السورية أي بلاد الشام والرافدين الى طائفيات واتنيات وعشائر وعائلات وأزلام وهزالات على يد المواطن حبيب الشرتوني المنتسب الى الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أسسه عالم الاجتماع والفيلسوف أنطون سعاده لايجاد نهضة في الأمة تحافظ على وحدتها وطناً ومجتمعاً وحضارةً وتاريخاً ،وتعمل على تقليص مدة الاستعمار بانشاء نظامً صالح جديد يؤاخي بين جميع أبناء الأمة بما فيهم بشير الجميّل وحبيب الشرتوني، وتحرير الأمة من ويلات العدو المستعمر .
نستنتج مما تقدم ان هناك موضوع اختلاف بين رؤيتين تمثلان حالتين ومشروعين هما مشروع تجزئة الأمة والوطن ولو أدى ذلك الى الاستعانة بالأعداء وتسليم مصير الأمة والوطن الى أعدائها وقتل أبنائها الذين يرفضون التسليم والخضوع للأعداء .
ومشروع آخر هو مشروع المحافظة على وحدة الأمة والوطن مهما كانت النتائج ولو أدى ذلك الى التضحية بالنفس في عقيدة تؤمن : ” أن الحياة وقفة عزٍ فقط “.فكان معبّراً عن المشروع التجزيئي بشير الجميّل المقتول، والمعبّر عن المشروع التوحيدي حبيب الشرتوني القاتل.
وبحصول القتل توقّف مشروع سيطرة العدو الطامع الذي كانت ولا تزال أمنيته الكبرى تفتيت الوطن وتفسيخ الأمة عملاً بمبدأ الهيمنة الاستعمارية : ” فرِّق تسُد ”
ان تنفيذ حكم القتل لم يكن قتل بشير الجميّل الشخص المواطن بل كان قتل رئيس الجمهورية بشير الجميِّل المفروضة رئاسته وتعيينه وتوظيفه من قبل العدو اليهودي الصهيوني المجتاح للارض اللبنانية المدعوم من القوى الاميركية والانكليزية والفرنسية والايطالية في سنة 1982 بغية شرعنة احتلاله للبنان، وبالتالي تنصيبه رئيس جمهورية ،لأنه بتسلم بشير الجميّل رئاسة الجمهورية كان سيصبح صاحب القرار الذي يعطيه صلاحية بيع الوطن والمتاجرة بالشعب لذاك العدو الصهيوني وشرعنة الذل والاستعباد في لبنان التي تمنعه من التنصل لاحقاً من التخلص من فعله حتى لو اراد ان يتنصل ويتراجع عما كان سيفعل . فقرار تصفيته كان لمساعدته ومنعه من الامعان في التورط في أخطاء وجرائم أكبر .
فلو قّدّر للمواطن المقتول بشير الجميل ان يعود الى الحياة بعد ما حصل من جيش الاحتلال اليهودي للبنانيين الذين تعاونوا معه وخدموه في خيانة شعبهم من كبّ لهم في مكب النفايات لكان بشير الجميّل أول الشاكرين لحبيب الشرتوني ولكان غيّر موقفه وسارالى جانب الأمين حبيب الشرتوني لطرد ذلك العدو من لبنان وسحق قواته . وكم كانت كلمة الامام علي بن أبي طالب في محلها الذي قال:” الناس نيام، فاذا ماتوا انتبهوا“. والمقصود بالنيام هم أولئك الذين ضلّوا عن طريق الحق والعدل في الحياة ولم ينتبهوا الا لحظة موتهم .
ان حادثة القتل أدت الى فرز ابناء وبنات لبنان ما بين متحزّب للمقتول ومتحزّب للقاتل وغاب عن الطرفين السبب الحقيقي للفعل والقتل وبالتالي غابت القضية الأساسية التي هي قضية الوطن وقضية الأمة المتراوحة ما بين التفسيخ والوحدة ، والعبودية والحرية .
لقد مرّ على قضية القتل زمن طويل يمتد الى سنة 1982 لكن القضية لا تزال تتفاعل ولم تخب نارها بعد باعتبار أن العدو المحرِّك لنار التجزئة لا يريد أن يتوقف عن فتنه ومكائده بل هو لا يزال يسعى بكل جهوده للهيمنة على وطننا وشعبنا بكل الوسائل الخبيثة والقذرة والخادعة. وقد أثبتت الاحداث أنه لا يترك أية مناسبة الا وينتهزها لاثارة الفتن الداخلية بين أبناء أمتنا حتى ولو كانت فرص نجاحها ضئيلة.وهذا ما أثبتته جميع الأحداث والمناسبات خصوصاً اذا عرفنا أن فتنه نابعة من ثقافة انغلاقية استعلائية مريضة لم تبدأ الآن بل تمتد الى أكثر من الفي عام عندما راعه أن يظهر في بلادنا ومن بين أبناء أمتنا المعلم الكبير الذي لا يزال نور رسالته ساطعاً في أرجاء المعموره هو يسوع السوري السيّد المسيح الذي وشوا عليه وأحالوه الى ” مجلس عدلهم ” الذي حكم عليه بالصلب وحكم على تلامذته والمهتدين به بالملاحقة والموت ، كما حكم “مجلس عدلهم” أيضاً على المعلم الآخر النبي محمد حين حكموا عليه بطريقة أخرى غير الصلب هي الطريقة اللصوصية الجبانة التي قضت على جسده بالسم وقد اعترفوا بالطريقتين كما ورد في كتاب ” الماسونية ذلك العالم المجهول ” الصفحة 119المقطع التالي:”قال لافي موسى: “…تكاثر عدد اتباع محمد يوما بعد يوم كأتباع يسوع ، غير أن بين هؤلاء وأولائك لفرقاً وهو أن القوة التي كانت لأتباع يسوع غير منظورة كما أسلفنا ، بخلاف القوة التي تعضد المحمديين فانها محسوسة. كانوا ينمون ويكثرون بقوة السيف والارهاب أكثرمما بقوة الإيمان والمحبة … عملنا بوافر العزم وخضنا ميادين الجهاد في مناوئتهم كما ناوأنا أتباع يسوع وأكثر، فأوقفنا تيارهم الجارف…”
وأضاف أيضاً :”ان من أشد الأشياء تحريماً علينا اعتبار هاتين الجمعيتين بمثابة دينين ، وانه لا دين الا الدين اليهودي ، وكل ما سواه من الأديان المزعومة فاسدٌ ومرذول . أما كفتنا البلابل التي أحدثها الدجّال يسوع، حتى جاءنا هذا الدجّال الآخر الطاغية يزيدنا بلبلة وشغباً ؟ اذن لنجعل مقاومتنا واحدة. ذلك صلبناه،وهذا لم نحتج لأن نصلبه لأننا أمتناه مسموماً . فالواجب الديني والاجتماعي والوطني يقضي علينا بمناوأة تعاليمه بكل ما في الوسع كما نناويء تعاليم الدجّال يسوع الذي هو علة انشاء جمعيتـنا”.
ان الضجة والبلبلة التي تُـثار اليوم والتي انخدع بها الطرفان من المتحزبين هي ضجة مبرمج لها من قبل الذين يحقدون علينا ولا يريدون خيراً بنا ، وقد خططوا ويخططون باستمرار لنعيش في تضارب مستمر، وتحاقد متواصل، وعراك دائم بحيث لا يكون لنا وقت نكتشف فيه أعداءنا والاعيبهم ومؤمراتهم وفتنهم . بل كلما هدأنا وبدأت حبال التفاهم والتصالح والمودة تقوى وتشتد بيننا اشعلوا نار الأحقاد والعداء لكي لا تقوم لنا قائمة . والذين كانوا وراء تحريك “ المجلس العدلي” في لبنان لم يحرّكوه الا بعد أن أوصلوا الى هذا “المجلس” أشخاصاً على شاكلة ” المجلس العدلي” الذي حكم على السيد المسيح بالصلب وعلى النبي محمد بالسم ليقتلوا الرسولين الهاديين يسوع ومحمد واتباعهما.
لا يصدّقنَّ أحد ان الذين حرّكوا “المجلس العدلي” هذه الايام من أجل واحد من ابناء شعبنا اسمه بشير الجميّل ، وضد آخر من رفقائنا في الحزب السوري القومي الاجتماعي اسمه حبيب الشرتوني ، بل الغاية الاساسية الكبرى لمن حرّك هذا الملف القديم الواضح لكل فهيم هي اثارة النعرات والفتن والفوضى بين حزب الكتائب اللبنانية والحزب السوري القومي الاجتماعي وبين أنصارهما أيضاً بعد أن جرّبوا الفتنة بين المسيحيين والمحمديين ، وبين الفلسطينيين واللبنانيين ، وبين اللبنانيين والشاميين ، وبين العرب والأكراد وبين العراقيين سنّة وشيعة وكرد ،وبين مختلف الطوائف والاتنيات والاحزاب ،وكل ذلك لتمرير أشياء أخرى هي لصالح القوى المتربصة بنا من الأعداء وعلى رأسهم الصهيو- اميركية التي بدأت تنفضح وتتراجع في كل مكان من هذا العالم بعد أن أنشأت وربَّت ودرّبت ورعت وسلّحت واطلقت قطعان الوحوش البشرية في لبنان والعراق والشام بعد أن كان توحش هذه الحوش مقتصراً في البداية على فلسطين المغتَصبة والمحتلة.
فالبريء لا يحتاج الى من يمنحه البراءة،ولا يستطيع أحد أن يدينه بجرم . والمجرم لا يزيل الجرم عنه قاضي ولا يستطيع إلباسه ثوب البراءة . فالبريء بريء. والمجرم مجرم . والقاضي الذي يبرّيء المجرم ويدين البريء هو المجرم الحقيقي بل هو المجرم الأكبر ولو نعت نفسه أو نعته الآخرون بقاضي عدلٍ نزيه. كما ان ” المجلس العدلي ” في لبنان لو كان يحترم نفسه وكان مجلس عدل لأعاد محاكمة اعدام انطون سعاده الذي حُكم عليه بالاعدام من دون محاكمة ونُفّذ فيه قرار حكم الاعدام في 08 تموز 1949 الذي وقّع عليه الموظفان العميلان المجرمان اللذان وظّفهما أسيادهم الأول رئيس الجمهورية بشارة الخوري والثاني رئيس الوزارة رياض الصلح في 09 تموز1949.
فهل” المجلس العدلي” في لبنان الذي أنشأه المستعمر سيكون على غير صورة من عيّنه وأعطاه صلاحيات التصرف وفقاً لشريعة الغاب؟ وهل سيخالف نزوات رئيس الجمهورية ورئيس الوزارة بشارة الخوري ورياض الصلح اللذين عيّنهما المستعمر الفرنسي موظفين خادمين لمصالحه في الأربعينات اللذين يعتبرهما “ المجلس العدلي “حتى اليوم صنّاع استقلال لبنان؟ وكذلك عيَّن العدو اليهودي الصهيوني بالتوافق مع حكومة واشنطن بشير الجميّل موظّفا بلقب رئيس جمهورية ليكون عين العدو الساهرة التي تراقب اللبنانيين بحجة أنه يدافع عن المسيحيين ضد المحمديين ، ويدّعي انه يحارب للحفاظ على كيان لبنان ككيان نهائي وهو في الحقيقة يعمل للمحافظة على ديمومة ونهائية الخيانة والعمالة والحقارة والفسيفساء الطائفي المقيت في لبنان . فكيان لبنان المسلم المسيحي الصحيح لا يقيمه ولا يحميه ورثة من صلب السيد المسيح . وكيان لبنان المسلم المحمدي الحقيقي لا يدافع عنه ولا يحافظ عليه من دسّ السم للنبيّ محمد .فالذين صلبوا السيد المسيح ، ودسّوا السم للنبيّ محمد لن يوّفروا اتباعهما عندما يجدون الفرصة سانحة وهم يحقنونهم على مدار الساعة بجراثيم التنافر والتقاتل وكل اصناف العداوات . ان من يحافظ على كيان لبنان الأشعاع والنور وشعب لبنان المناقبي الحر هو العقيدة القومية الاجتماعية التي توقظ مشاعر العز والكرامة في الشعب، وأبناء هذه العقيدة التي لا تستبعد من أبنائه أحدا هم الذين يحمونه بأفئدتهم .
فالعدو اليهودي الصهيوني الذي كان وراء صلب السيد المسيح وتسميم النبي محمد لن يكون رحيماً بأتباع السيد المسيح واتباع النبي محمد في لبنان ، ولا يريد منهم الا أن يكونوا حطباً وكبريتاً وبارودا لاضرام نار حقده الدفين عليهم جميعاً، وقبل أن يفكّر بالقضاء على المسلمين المحمديين يريد القضاء أولاً على المسلمين المسيحيين ببث الفتن بين الطوائف وتهجيرهم من وطنهم وحصر أملاكهم به واستملاكها .وهو الى جانب كل هذا يريد أن يخلط الاوراق، ويبث الدعايات المغرضة ، ويبذر الكراهية بين جميع أبناء أمتنا ليس حباً واعجاباً ببشير الجميّل وكرهاً بحبيب الشرتوني فهل أدرك أو يدرك أخواننا في الأمة والوطن قادة وأعضاء حزب الكتائب هذه الحقيقة ؟ . ان عدونا يعرف تماماً ان بشير الجميّل كان مخدوعاً به فاستعمله عميلاً لتنفيذ أغراضه العدوانية. ويعرف أيضاً أن حبيب الشرتوني صاحب عقيدة ترفض عدوانه بالمطلق وبقاءه في هذه الأرض الطيبة ولكن خطة العدو هي اللعب بعواطف أنصار الطرفين واثارة البلبة والخلاف والعداوة والعراك ونشر الكراهيات بين حزب الكتائب اللبنانية والحزب السوري القومي الاجتماعي بعد أن لمس أن جميع الاحزاب والمواطنين في لبنان يميلون أكثر فأكثر الى التسامح فيما بينهم والى التواصل والتفاهم، وهذا ما يسد في وجهه نوافذ وثغرات الفتن، وزرع وتهييج الكراهية والعداوة . وكم نحن بحاجة الى استذكار الخلاف الذي حصل في بداية تأسيس حزب الكتائب اللبنانية عندما اطلق السيد بيار الجميّل تصريحه الشهير:” سأحطم رأس أنطون سعاده “وجواب الزعيم أنطون سعاده الرائع عندما قال للصحافيين الذين سألوه عن رأيه بتصريح بيار الجميّل حين أجاب : ” لقد أسست حزباً لأرفع به رأس كل أبناء أمتي ، فاذا كان السيد بيار الجميّل يريد تحطيم رأسي ، فأنا لا أريد الا سلامة رأسه وسلامة رأس كل مواطن “.
فما هي الغاية اليوم من اثارة الموضوع من قبل “المجلس العدلي” ؟ هل يستطيع أن يلمّع صورة العدو الصهيوني ويمهّد لتشويه سمعة وصورة المقاومة ؟ وهل يقدر ان يمحي صفة العمالة للعدو اليهودي عن بشير الجميّل ؟ وهل يفكّر بتدبير مكيدة تجرد الأمين حبيب الشرتوني من بطولته وتجعله مجرماً ؟ أليس الغاية هي تحريك الغرائز وخلق الفوضى والهاء الناس في لبنان عن دسائسه ؟
الضعيف يحتاج الى من يعينه حتى يقوى.أما القوي البطل فهو الذي يساعد الضعفاء ويقيهم بنفسه وجسده . والذين يهوجون ويموجون ويدعون الى التضامن والدفاع عن بشير الجميّل ، والتضامن والدفاع عن الأمين حبيب الشرتوني الجزيل الاحترام لا يدركون ان الخيانة لا تمحوها الذرائع والحجج والمبررات والدعايات والاكاذيب، ولا يفهمون ان الأبطال الذين يغيّرون مفاصل الأحداث وسيرها بطولتهم تفرض نفسها على الوجود ولا تحتاج الى قوالين بل تحرّك نفوس الفعالين. هذا هو الأمين حبيب الشرتوني الجزيل الاحترام تلميذ مدرسة سعاده القومية الاجتماعية التي تعمل بهداية سعاده القائل:” لبنان يحيا بالمحبة ويهلك بالبغضاء…وعقيدتنا تريد لبنان نطاق ضمان للفكر الحر.واذا كان في لبنان نور فيجب أن يشع على محيطه الطبيعي كله…“، والقوميون الاجتماعيون يعملون ويجاهدون ليرفعوا بتحقيق مباديء العقيدة القومية الاجتماعية رؤوس جميع أبناء الأمة بما فيهم أعضاء حزب الكتائب اللبنانية وغيرهم من الاحزب الدينية والعلمانية والسياسية والاجتماعية حتى ولو عملوا على ايذائنا والحاق الضرر بنا . انهم لا يدركون اننا كنا ولا نزال وسوف نبقى نعمل لعزّهم عملنا من اجل عزنا ، لأن في عزّنا جميعاً عزٌّ وكرامة للأمة كلها، والعز يطال أبناء الأمة جميعاً . ألم يكن معلمنا سعاده قدوة في قوله : ” إنّ أشدّ حروبنا هي الحرب الداخلية. وهي آلمها وأمرّها، لأنّها بيننا وبين فئات من أمّتنا نعمل على رفعها وتعمل على خفضنا، نريد لها العزّ وتريد لنا الذلّ، نتوجّه إليها بالاحترام وتتوجّه إلينا بالاحتقار، نأتيها بالجدّ وتأتينا بالاستهزاء.”
فهل يجوز بعد هذا الكلام الرشيد أن نهبط بتفكيرنا وأقوالنا وتصرفاتنا الى دركات عقلية الحميّة الجاهلية بعد أن رميناها للنار وأصبحت رماداً باعتناقنا مبادي النهضة القومية الاجتماعية التي قدّمت وتقدّم للآمة أرقى عقلية أخلاقية في التاريخ ؟
ماذا يستطيع ما يُسمى ” المجلس العدلي اللبناني ” أن يفعل بحق الأمين حبيب الشرتوني الجزيل الاحترام ويحكم عليه اذا كان هذا المجلس لم يصدر حكماً حتى اليوم بادانة احتلال لبنان من قبل العدو اليهودي الصهيوني وادانة كل من تواطأ مع المعتدين وسهّل لهم الاحتلال والعبث بحياة ابناء شعب لبنان غير الحكم على نفسه بأنه مجلس عدل بائس ومقصّر ومشبوه ؟
لقد سمعت عندما كنت أدرس في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية محاضرة لاستاذنا المناقبي الاخلاقي الواسع الثقافة ، العميق الفهم الجدير بالتقدير والاحترام الدكتور ألبير فرحات استاذ القانون المدني كلاماً من أبدع الكلام الحكيم حين قال أمامنا نحن الطلبة : “أذا كانت العدالة فوق القانون فنعم العدالة ونعم القانون. أما اذا كان القانون فوق العدالة فبئس العدالة وبئس القانون” .
ان مأساتنا وماساة الحرية والعدالة كما أشار اليها الزعيم أنطون سعاده هي”إن مأساة الحرية الكبرى ليست المحاكم ولا السجون. إنها أقلام العبودية في معارك الحرية “. والخلاص من هذه المأساة لا يكون بالانجرار الى أتونها ، بل بالاصغاء الى نداء المعلم سعاده في السادس عشر من تشرين الثاني من عام 1936 والعمل به الذي هو : ” أيها القوميون الاجتماعيون . إنّكم قد سمعتم بعض الجماعات الراغبة في جرّكم إلى الفوضى تهتف حين حملاتها الفوضوية باسمكم وباسم زعيمكم، فأوصيكم أن تكونوا عند عهدي بكم من النظام، وأن لا تُؤخذوا بهوس المهوسين الّذين يريدون أن يستغلّوا قضيّتكم وقوّتكم.
كونوا رسلاً أمناء لقضيّتكم القومية الاجتماعية . كونوا جنودًا لتحاربوا التجزئة والانقسام الداخليين . كونوا سدًّا منيعًا ضدّ الدعوة إلى بعث النعرات الهدّامة. أوصوا كلّ من تجتمعون بهم أن لا يكونوا آلة في يد رجال يستثمرون الشعب في سبيل منافعهم، هؤلاء الذين اتّخذوا الرعونة نظامًا لهم والمنفعة الشخصية دستورًا. كونوا قوميين اجتماعيين دائمًا. إنّ المستقبل لكم .”
الفخر للأمة وحزبها بالأمين حبيب الشرتوني الذي غيّر ببطولته مجرى الويل الصهيو- أميركي العدواني على بلادنا . والمسامحة والعفو وغفران أجيال الأمة لبشير الجميّل الذي هو أحد أبنائها وما كان لأم الا أن تحب جميع أبنائها ولا تحقد على أحد منهم أبدا.فالحزب السوري القومي الاجتماعي هو حزب الأمة ويعمل لتحقيق نهضة الأمة وترسيخ الاخاء المجتمعي بين جميع أبنائها وليس لفئة دون فئة . كلمة موجزة أقولها لمن يعي مغازي الكلام:ان الأمين حبيب الشرتوني أكبر من أن ينال منه الشتّامون أو ينصره المدّاحون،وان بشير الجميّل لا يستطيع كل قضاة العالم أن يبرؤوه من التعامل مع العدو اليهودي الصهيوني ضد أبناء شعبه . والتاريخُ وحده هو الصالح لمحاكمتهما وإنصافهما . فالعدالة لا يعلنها ” مجلس عدلي” موظَّف يعمل لمنفعة وبأمر من وظَّفه . العدالة تعلن عن نفسها بنفسها لأنها روح الحق والحرية وصوتهما الداوي على مرّ الأجيال. ومنفذو حكم العدالة هم الأحرار ومصححو مسيرة التاريخ.
الرفيق يوسف المسمار
البرازيل – كوريتيبا في 08 /12 /2016