الحزب السوري القومي الاجتماعي
حركة حرية الانسان- المجتمع السوري للأفضل
وليس حزب الخصوصيات الفردية والنوازع الغيبية
تلقيت بكل سرور مقالاً للرفيق اسامة عجاج المهتار تحت عنوان : ” الحزب السوري القومي الاجتماعي والحريات الفردية ” كتبه بتاريخ 03 /10 /2018 رداً على مقال كتبته تحت عنوان:” الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يقول بحريات فردية وفئوية بل بحرية المجتمع والحقوق الفردية في 19/08/2016. مقتطعاً من مقالي مقطعاً وقائلاً في رده : ” ما يهمنا مناقشته من هذا المقطع الطويل هو العبارة التالية من مقال الرفيق يوسف : “واذا صح في حالة المجتمع الاتني او القبلي أوالطائفي وجود حريات فردية فئوية اتنية او قبلية او طائفية، فان مجتمع الجماعة الواعية المنظمة كالحزب السوري القومي الاجتماعي ليس فيه حريات فردية او فئوية بل حقوق فردية.” مضيفاً على عبارتي الآنفة قائلاً : “وقد تعمدنا وضع المقطع بكامله كي تكون العبارة موضع البحث ضمن السياق.”
وأرى من المفيد بدوري لكي لا أحرم الرفقاء من الاطلاع على مقال الرفيق العزيز اسامة عجاج المهتار ولا اظلمه فأقول عنه ما لم يقله فاني أحب أن أورد النص الكامل لمقاله ليشاركنا الرفقاء في التدارس والنقاش الفكري الثقافي الذي يعود علينا جميعاً بالفائدة في تعميق وعينا وتوسيع معرفتا وتقوية فهمنا للعقيدة السورية القومية الاجتماعية مباديْ وغاية ونظاماً بحيث نستطيع ان نستوعب فكريا ونحقق عملياً قول مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي سعاده ” علينا أن نفهم فلسفة الحركة لندرك كيف يمكن أن تعالج الأمور”
مقال الرفيق أسامة عجاج المهتار
عنوان المقال “الحزب السوري القومي الاجتماعي والحريات الفردية”
في 3 تشرين اول 2016
في مقال له بعنوان “حزب سعاده لا يقول بحريات فردية وفئوية بل بحرية المجتمع والحقوق الفردية “، يكتب الرفيق يوسف المسمار ما يلي :
مقطع من مقالي :
“قال سعاده : “ان لم تكونوا أحراراً من أمة حرة فحريات الأمم عار عليكم”. الحرية تكون للمجتمع. للأمة. فاذا كانت الأمة حرة فكل أفرادها أحرار. واذا كانت الأمة مستعبدة فكل أفرادها عبيد. والفرد الذي يريد ان يكون حراً بمعزل عن أمته ليس حراً مهما جدول وقدّم من الذرائع والحجج والتبريرات والادعاءات بل ان كل التبربرات ليست الا حجة على كونه مستعبداً. نعم ان للفرد حقوق وهي حقوق مقدّسة ولا ينكرها الا غشيم. ولكل فرد من أفراد الأمة أو كل عضو من أعضاء الحزب حقوقه التي تتفق او تختلف عن حقوق الفرد او العضو الآخر. فما اتفق من الحقوق فهي متساوية. وما اختلف منها فلكل فرد أو عضو حقه الخاص. وهذه الحقوق نشأت اما بحالة معدوديته في المجتمع واما بحالة انتمائه الى منظمة أو حزب ولا يمكن ان يحرمه منها احد. واذا صح في حالة المجتمع الاتني او القبلي أوالطائفي وجود حريات فردية فئوية اتنية او قبلية او طائفية، فان مجتمع الجماعة الواعية المنظمة كالحزب السوري القومي الاجتماعي ليس فيه حريات فردية او فئوية بل حقوق فردية. والمجتمع الذي يقبل ان تكون فيه حريات فردية أو حريات فئوية هو مجتمع يحمل بذور تفككه وانهياره في داخله. ولذلك نفهم ان ليس في الحزب الذي اسسه سعاده موالاة ومعارضة بل حقوق وواجبات وصلاحيات, وليس فيه أيضاً حرية فردية او فئوية بل فيه حرية الأمة. الجماعة الواعية المنظمة وفيه الحقوق الفردية المرتبطة بالواجبات الفردية وهذا ما جعله عصيّاً على الأعداء في داخل مجتمعنا ومن خارجه رغم كل ما مرّ عليه من آلام وعذابات وجراح واضطهادات وتصفيات وملاحقات وسجون وتشريد وتهجير واغتيالات حتى ظهرت بدعة الانتفاضات والمعارضات ففتحت عليه جبهة جديدة الى جانب جبهة العهد العتيق وعاداته وتقاليده البغيضة، وجبهة يهود الخارج، وجبهة يهود الداخل فكانت الجبهة المستحدثة جبهة الفئويين في الحزب الذين يعتبرون أنفسهم انبياء الاصلاح وملائكة الفهم والآلهة القديرة على احياء كل رميم.”
انتهى المقطع المأخوذ من مقالي وبعده بدأ بمناقشة عبارة من المقطع المذكور .
مناقشة فقرة من مقطع المقال
ما يهمنا مناقشته من هذا المقطع الطويل هو العبارة التالية: واذا صح في حالة المجتمع الاتني او القبلي أوالطائفي وجود حريات فردية فئوية اتنية او قبلية او طائفية، فان مجتمع الجماعة الواعية المنظمة كالحزب السوري القومي الاجتماعي ليس فيه حريات فردية او فئوية بل حقوق فردية.” وقد تعمدنا وضع المقطع بكامله كي تكون العبارة موضع البحث ضمن السياق.
لا نعرف إلّام استند الرفيق يوسف في حكمه أعلاه. فليس في دستور الحزب شيء من هذا الحكم المبرم ولا عند سعادة. بل العكس، فإن سعادة في أكثر من مكان في كتاباته يركز تحديدا على الحريات الفردية. ولعل رسالته الى غسان تويني تاريخ 7 ابريل 1946 وموضوعها فخري معلوف هي خير مثال. بالمختصر ان فخري معلوف رمى الزعيم بتهمة “الالحاد” بسبب بعض الآراء الواردة في كتاب نشؤ الامم وبسبب مناقشة أحد كتاب مجلة “الزوبعة” علاقة الفاتيكان بالحركة الصهيونية ما اعتبره معلوف هجوما على رئيس الكنيسة الكاثوليكية المعصوم حسب رأيه.
تبدأ معالجة سعادة لموضوع الحريات الفردية في هذه الرسالة حين يقول في معرض حرية المعتقد، والمعتقد طبعا هو المعتقد الفردي: “وأما قول فخري عن الزعيم أنه “ملحد” فهو استنتاج ارعن، فضلا عن انه خيانة لمبدأ القومية الذي لا يجيز الطعن في أحد من أبناء الامة الواحدة بسبب معتقده.” (الرسائل الجزء الثاني طبعة بيروت – نيسان 1979) ص. 579. ثم ينتقل ليقول بعد عدد من الصفحات ما يلي: “ومهما كانت أهمية القضايا الفلسفية او الروحية التي يشفع بها انقلابه فلا مبرر لها مطلقا من الوجهة الحقوقية والنظامية لأنه إذا صح ان انقلابه ناتج عن تولد عقيدة دينية قوية فيه فهو يعني ان لا يريد ان يسلم بحرية الاعتقاد لغيره.” ص. 582.
ولا يكتفي سعادة بحرية المعتقد الفردي، بل ان ينتقل الى حرية الرأي – الفردي طبعا، فيقول بعد ان يستعرض استبداد المعلوف برأيه و”عدم تسليمه بحرية الاعتقاد لغيره من بني قومه” ما يلي: “…ولكنه لا يقتصر في موقفه الجديد على ذلك فهو يخرق مبدأ المساواة في الحقوق وحرية الاعتقاد وحرية ابداء الرأي.”
بعد ذلك يعطي الزعيم لغسان تويني تعليمات محددة في كيفية التعامل مع معلوف، تتضمن ما يلي: … لا يمكن الصداقة مع من يخون عقيدة اوجدت كيان الامة في مجتمع صحيح موحدة الحياة والإرادة والمصير وضمنت لجميع افراد المتحد وأعضاء الدولة القومية الاجتماعية حرية الاعتقاد الخارج عن حد العقيدة القومية الاجتماعية وحرية الضمير والجهر بالمعتقدات المتعلقة بما وراء المادة…” ولكن اهم ما يرد في هذه الرسالة هو هذه العبارة التي يتضمنها البند “ب” من المادة رقم 6 والذي ينص على: “في كون حرية الرأي والاعتقاد مبدأ عاما لا يمكن حرمان احد منه الا الذي يستخدمه لإفساد الاخلاق والقاء الشقاق وإثارة العداوات بين أبناء الامة.”
نستنج من هذا الكلام لسعادة ان حرية المعتقد والرأي والضمير الفردية، مضمونة ولا يمكن لاحد حرمانه منها الا في حالات محددة.
ولكن حتى لو لم يكتب سعادة هذا الكلام، كيف يمكن لنا ان نفكر للحظة انه يمكن للحزب السوري القومي الاجتماعي ان لا يقول بحريات فردية! كيف يمكن لحزب ان يتصور ان المقبل للانتماء اليه بحريته الفردية – بمعنى ان شخصيته الفردية قد برزت واستقلت وأصبح هو سيد قراره – يمكن له ان يتخلى عن حريته الفردية هذه بمجرد الانتماء الى الحزب. وكيف يمكن لشخص يقسم بشرفه وحقيقته ومعتقده ان يتخلى عن حريته في اختيار معتقده (الخارج عن حد العقيدة القومية، بمعنى في أي شأن لا يتعلق بعقيدة الحزب خاصة في المسائل الماورائية). كيف يمكن لحزب الحرية هي أحد دعائمه ان يمنع الحرية عن الرفقاء فيه! لا إن هذا الكلام باطل وقد أبطله سعادة نفسه في رسالته الى غسان تويني.
ثانيا، إذا كان الحزب هو دولة الامة، فهل يعقل ان يكون دولة بلا حريات فردية من معتقد ورأي وضمير. طبعا لا. هل يعقل ان تقوم دولة بدون حرية صحافة تكشف فساد الحكام كائنا من كانوا. هل يمكن ان نتخيل سعادة صامتا امام جهل البطريرك عريضة وتدخله في شؤون الدولة، ام فساد النواب اللبنانيين اذ يعريهم في مقالاته “الأحزاب الببغائية”.
إن المقصود من كل هذا الكلام هو ربط الحرية قسرا بالفئوية والفوضى وصولا الى الهجوم على المعارضة الحزبية وهذا ما لن ندخل فيه، فقد سبق لعدد من الرفقاء والامناء ان ناقشوا مفهوم المعارضة واهميته وضرورته خاصة في حالات الفساد والخروج العقائدي.
ليت الرفيق يوسف المسمار لم يستخدم نفي مبدأ الحرية الفردية عكازا للهجوم على معارضة الفساد. فهو يعرف الفرق بين الاثنين. كان يمكن له ان يقول انه لا يرضى بفكرة المعارضة في الحزب، فيكون هذا رأيا يقتنع به بعض ويناقشه بعض آخر ويرفضه اخرون. ولكن ان يحكم هذا الحكم المبرم على الحريات الفردية بالرغم من قول سعادة الواضح إن الحزب يضمنها، فهذا ما نتمنى على الرفيق يوسف ان يعيد النظر به. ”
انتهى مقال الرفيق أسامة عجاج المهتارالمؤلف من قسمين مقطع ذكره من مقالي والقسم الآخر هو بمثابة تعليق على ما ورد في مقالي.
يتلخص تعليق ووجهة نظر الرفيق أسامة بفكرتين والى جانب الفكرتين تمني باعادة النظر بالنسبة للحريات الفردية :
خلاصة تعليق الرفيق أسامة عجاج المهتار
1- ألفكرة الأولى هي وجود حرية فردية وحريات فردية في الحزب السوري القومي الاجتماعي وان الكلام بأن ” الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يقول بحريات فردية وفئوية بل بحرية المجتمع والحقوق الفردية ” هو كلام باطل وقد أبطله سعادة نفسه في رسالته الى غسان تويني.
2 – الفكرة الثانية هي:”إن المقصود من كل هذا الكلام اي(كلامي ) هو ربط الحرية قسرا بالفئوية والفوضى وصولا الى الهجوم على المعارضة الحزبية الى ان يقول : ليت الرفيق يوسف المسمار لم يستخدم نفي مبدأ الحرية الفردية عكازا للهجوم على معارضة الفساد.” والمقصود بالفساد هو فساد القيادة في الحزب وهذا يعني ان الرفيق أسامة علاوة على انه يقول بوجود حريات فردية في تعاليم الحزب يقول ايضاً بوجود معارضات داخل النظام القومي الاجتماعي. .
اهمال معرفة العقيدة معرفة صحيحة
يقول المعلم سعاده في مقاله ( المجموع والمجتمع ) : ” أن من أشد الأسف أن تكون العقيدة أهملت بالكلية بعد سفر الزعيم بسنة وأن لا تكون المؤسسات الحزبية العليا تنبهت الى أن معرفة العقيدة معرفة صحيحة هي أول ضرورة نفسية للقوميين الاجتماعيين ،وانها أول الأمور الثقافية والاذاعية التي كان يجب أن تعنى بها كل العناية لتحقيق هدف انشاء جيل جديد ينظر الى الحياة والكون والفن نظراً جديداً . رفيق واحد قدّر هذه الحاجة وعوّل على الاضطلاع بهذه المهمة في السنة الأولى لسفر الزعيم هو الأمين السابق فخري معلوف الذي قرر بصفته رئيساً لدورة الندوة الثقافية عام 1938-1939 تدريس كتاب نشوء الأمم فصلاً فصلاً في الندوة طوال ذلك العام”
وعلى الرغم من أن الأمين السابق فخري معلوف كان الوحيد الذي قدّر الحاجة الى معرفة العقيدة السورية القومية الاجتماعية معرفة صحيحة وكانت القمة التي وصل اليها في عطائه في خطابه في الأول من آذار بعد وصوله الى الولايات المتحدة الاميركية بداعي الدراسة ، الا ان توقفه عند تلك القمة من العطاء ولم ير بعدها القمم الأعلى التي كان عليه ان يصعد اليها بل فضّل اتخاذ طريق الانحدار بعد بلوغ تلك القمة فجُرّد من رتبة الأمانة وظل على قارعة الطريق التي شقتها النهضة القومية الاجتماعية كما حصل لغيره من الرفقاء السابقين الذين سقطوا على جوانب الطريق او اكتفوا ولم يسقطوا بل اكتفوا بما أعطوه في حركة سورية قومية اجتماعية لا تقول ولا تؤمن بتقاعد المنتجين المبدعين في العلم والفلسفة والأدب والشعر والفن وسائر مجالات العطاء والابداع .
النهضة لا تبخس أحداً حقه
ومع ان الكثيرين سقطوا او توقفوا الا ان النهضة لا تبخس أحداً حقه لأنها حركة الحق والعدل وانما انصفت وتنصف وستستمر في انصافها كل من اعطى وانتج وابدع حتى ولو كان عطاؤه وابداعه قليلاً وشحيحا . ولن تتغاضى عن أي انتاج جميل رغم تقصير المنتج او انحرافه او قعوده وتقاعده . فمثلاً تسجّل للرفيق والعميد السابق فايز صايغ هذا القول القومي الاجتماعي الرشيد:” لقد قيل قبلاً:“لا جماعة بدون الفرد” أما أنا فأقول:”لا فرد بدون الجماعة” .. اذا عنينا الفرد ذلك الانسان الذي قد استطاع أن يُنمي كل مواهبه الروحية،وأن يستغل كل امكانياته الفكرية الخاصة الموجودة فيه بداعي كونه انساناً،والتي لا تنمو على المثال الأسمى الا بتفاعله مع غيره من البشر . فالفرد دون شك دنيا غنية ، ولكنه دنيا لا تنتج حضارة ، ولا تستغل غناها بطريقة منتجة نافعة الا عن طريق الأمة والجماعة. ولهذا يمكننا أن نقول ان الأمة لا تقتل الفرد، بل تفتح أمامه المجال ليصير فرداً “.
فهذا الكلام هو الذي أهّل الرفيق السابق فايز صايغ ليقوم باعباء ومسؤولية عميد للاذاعة في الحزب السوري القومي الاجتماعي سابقاً وسيبقى كلامه كلام النهضة على الرغم من انه طُرد فيما بعد بسبب الانحراف وغيره كثيرون من الذين تقاعدوا أمثال غسان تويني وهشام شرابي وآخرون .
كتاب نشوء الأمم هو الأساس العلمي للعقيدة
استنادا الى كلام الزعيم المذكور أعلاه نستطيع القول أن كتاب ” نشوء الأمم “ هو الاساس العلمي لفلسفة العقيدة السورية القومية الاجتماعية التي قال بشأنها:”علينا أن نفهم فلسفة الحركة السورية القومية الاجتماعية لندرك كيف يمكن أن تعالج الأمور” . وللمشككين بالقول بان كتاب ” نشوء الأمم ” هو الأساس العلمي للنهضة القومية الاجتماعية أود أن أذكّر المشككين بقول سعاده في مقدمة الكتاب المذكور قوله هذا : “ ولما كانت حاجة النهضة القومية الاجتماعية الى هذا الأساس العلمي ماسة رأيت أن أدفع المخطوطة الوحيدة الى المطبعة في حالتها الأصلية ،كما خرجت من السجن ” .
فما هي هذه العقيدة ؟ وكيف نفهمها ونفسّرها ؟
تعريف العقيدة القومية الاجتماعية
وأفضل من عرّف العقيدة القومية الاجتماعية بكلام قليل ومختصر وهادف هو نفسه سعاده حين قال : ” نعرّف العقيدة بأنها قومية اجتماعية.فهي قومية لأنها تقول بالأمة والولاء القومي . وهي اجتماعية لأن غايتها الاجتماع الانساني – المجتمع وحقيقته ونموّه وحياته المثلى .والمجتمع الأكبر والأمثل هو الأمة. وقد جاء في التعاليم ” أمة واحدة- مجتمع واحد”. من هذا الايضاح الأولي ندرك أن عقيدتنا تقول بحقيقة انسانية ، كلية ، أساسية هي الحقيقة الاجتماعية: الجماعة ، المجتمع الواحد. فالاجتماع للانسان حتمي لوجوده ، ضروري لبقائه واستمراره. والمجتمع هو الوجود الانساني الكامل والحقيقة الانسانية الكلية. والقيم الانسانية العليا لا يمكن أن يكون لها وجود وفعل الا في المجتمع.فمتجه القيم كلها هو المجتمع – هو مصدرها وهو غايتها“.
وفي المقال نفسه يقول سعاده عن الفرد ومجموع الافراد :” ليس المجتمع مجرد مجموع عددي من الناس . ان المجتمع غير المجموع . ان المجتمع أعمق بكثير من المجموع العددي وأسمى بكثير منه . انه أعلى بما لا يدرك قياسه عن نظرة تحسبه مجرد عدد من الناس . الأفراد في المجتمع ، يأتون ويذهبون ، يكملون آجالهم ويتساقطون تساقط اوراق الخريف . ولكن الحق لا يذهب معهم ، بل يبقى، لأن الحق انساني والانساني اجتماعي . فهو يبقى في المجتمع وفيه . ان عقيدتنا القومية الاجتماعية ، تنظر الى الانسان من زاوية الحقيقة الانسانية الكبرى– حقيقة المجتمع ، لا من زاوية الفرد ، الذي هو في حد ذاته وضمن ذلك الحد مجرد امكانية انسانية . ”
بعد كلام الزعيم أنطون سعاده أحب أن أسأل وأتساءل وأطرح السؤال على الرفقاء:هل الحرية قيمة اجتماعية أم هي قيمة فردية ؟
هل مصدر القيم الانسانية العليا هو الفرد أم مصدرها المجتمع ؟
وهل الحقيقة الانسانية الكلية الأساسية هي حقيقة اجتماعية أم حقيقة فردية ؟
وهل الفردية هي الحتمية لوجود المجتمع والضرورية لبقائه واستمراره ؟
أم الاجتماع هو الضروري لوجود الانسان والحتمي لبقائه ؟
وهل الفرد الزائل هو مصدر القيم العليا ومتجهها وغايتها وفي مقدمتها الحق والحرية أم ان الحرية هي احدى قواعد النهضة وقيمها و المجتمع هو مصدر القيم وغايتها ومتجهها ؟.
واذا كان الفرد هو مصدر الحرية وغايتها ومتجهها فلماذا نتعب رؤوسنا ونصرف جهودنا وأيامنا بالعمل لعقيدة قومية اجتماعية ؟ أليس كان الأجدر بكل واحد منا أن ينصرف الى أنانيته وفرديته وخصوصياته ونوازعه الداخلية أو الغيبية بدلاً من أن يضحي حتى بدمائه من أجل أمته ووطنه وسيادة مجتمعه وحريته ؟
وجهة نظر الرفيق أسامة المهتار
يستند الرفيق أسامة الى المادة رقم (6) التي تنص على: “في كون حرية الرأي والاعتقاد مبدأ عاما لا يمكن حرمان احد منه الا الذي يستخدمه لإفساد الاخلاق والقاء الشقاق وإثارة العداوات بين أبناء الامة.”
لست أدري أي نوع من المنطق استعمله الرفيق أسامه حين قال : “لا يمكن حرمان أحد من حرية الرأي والاعتقاد الا الذي يستخدمه للافساد . ” .
كيف يمكن أن تكون حرية مشروطة ومقيّدة ؟ وهل تكون الحرية مقيّدة ؟ أليست الحرية هي حرية ؟ أليست الحرية هي قيمة اجتماعية انسانية ؟ أليست الحرية هي الصراع في سبيل الأكمل والأفضل ؟ أليس الذي يقيّد حرية الفرد هو أكمل وأكبر وابقى من الفرد ؟ وما معنى ان نقول حرية ومقيّدة ؟
فهمان لمفهوم الحرية في الحزب
يتضح مما تقدم أننا أمام فهمين لمفهوم الحرية في الحزب السوري القومي الاجتماعي عند رفيقين قوميين اجتماعيين : المفهوم الأول وهو لي انا الرفيق يوسف المسمار وهو مفهوم حرية المجتمع وحقوق الأفراد في المجتمع الذين لا يستطيعون ان يكونوا احراراً الا اذا كانت أمتهم حرة .
والمفهوم الثاني للرفيق أسامة عجاج المهتار الذي يقول بالحرية الفردية ويستبدل حقوق الافراد بالحريات الفردية بغض النظر عما اذا كانت الأمة حرة او غير حرة . وبدلاً من عدد حقوق الأفراد في المجتمع يصبح عندنا بحسب مفهوم الرفيق أسامة عدد الحريات بعدد أفراد الأمة .
نحن اذن أمام مفهومين للانسان : مفهوم الانسان- المجتمع – الأمة يقول بحرية المجتمع ليكون أفرده أحراراً وللأفراد حقوقهم غير المنقوصة والمقدسة والتي لا يحق لأحد من الناس ولا لمؤسسة ولا لحزب ولا لدولة ان تعتدي عليها .
ومفهوم الانسان – الفرد يقول بحريات الأفراد بدلاً من القول بحقوق الأفراد حتى لولم يكن المجتمع حراً .
مفهوم سعاده للانسان
يقول سعاده في الفصل الرابع من مؤلفه العلمي نشوء الأمم :” اننا حيثما وجدنا الانسان وفي أية درجة من الانحطاط أو الارتقاء ، وجدناه في حالة اجتماعية . وهكذا نرى ان المجتمع هو الحالة والمكان الطبيعيان للانسان الضروريان لحياته وارتقائهما. ولما كنا لم نجد الانسان الا مجتمعاً ووجدنا بقايا اجتماعه في الطبقات الجيولوجية ايضا ، فنحن محمولون على الذهاب الى ان الاجتماع الانساني قديم قدم الانسانية، بل نرجّح انه أقدم منها وأنه صفة موروثة فيها ” صفحة 51 -52 .
ماذا يمكن ان نفهم من هذا الكلام ؟ ألا يعني أن المجتمع هو سبب وجود الفرد ولا وجود للفرد الا بالاجتماع ؟ وبالاضافة الى ذلك أين تظهر شخصية الفرد وأين يحقق الفرد شخصيته ؟ أليس في المجتمع؟ وفوق ذلك من يضمن استمرار وبقاء الفرد ؟ أليس المجتمع ؟ فاذا كان أصل الفرد في المجتمع وتحقيق شخصية الفرد في بيئة المجتمع والضامن لاستمرارالفرد هو المجتمع فأي حرية تبقى له بمعزل عن المجتمع؟
صحيح ان المجتمع هو افراده ولكن الأفراد الذين هم المجتمع هم في الحقيقة جميع الأفراد منذ كانت الحياة الى ما سوف تكون الحياة ، وليسوا ابداً فئة أو مجموعة في جيل من الأجيال ولا في عدة أجيال بل هم الأجيال الى نهاية الأجيال. ولذلك فالحرية هي صفة عامة من صفات المجتمع وليست صفة فردية خاصة . وهذا ما يساعدنا على استيعاب وفهم قول سعاده : ” اذا لم تكونوا أحراراً من أمة حرة فحريات الأمم عار عليكم “. أي يجب أن تكون أمتنا حرة ويجب أن نكون من أمة حرة لكي نكون احراراً.
الحرية لا تنفصل عن الواجب والنظام والقوة
ولكي نكون من أمة حرة يجب ان نقوم بواجباتنا لننال الحقوق بالحرية.وقواعد الأساس في الحزب السوري القومي الاجتماعي هي: الحرية والواجب والنظام والقوة في تناغم بديع اذا تفرفط هذا النظام ظهرت الفوضى و ظهر النشاز واضحاً ولا سبيل الى اخفائه لا بالتمويه ولا بالتشويش ولا بغض الطرف ولابالتجاهل ولا باغماض العيون .
فأية قاعدة من هذه القواعد تنفصل وتستقل عن بقية القواعد تسقط . والحرية لن تكون حرية اذا اعتبرت ذاتها حرة ومستقلة عن بقية القواعد . فمن لا يقوم بواجبه ولا يكون قوياً ولا يكون نظامياً لا يستحق نعمة الحرية ، ولا يمكن ان يقول عن نفسه حسب مفهوم التعاليم القومية الاجتماعية انه حر ،بل ان الحر هوالانساني الاجتماعي النظامي المسؤول القوي . وكل حرية تنفصل عن النظام والواجب والقوة ليست حرية في الجماعة الواعية في الأمة الحرة .
النظرة السورية القومية الاجتماعية
بهذه الرؤية تتضح النظرة السورية القومية الاجتماعية الشاملة الى الحياة والكون والفن التي تبدأ بيقظة العقل السليم الذي هو الشرع الأعلى والقانون الاساسي لواقع الحياة وحقيقتها،وللخروج من ضبابية الأوهام والخرافات والجزئيات،والانصهار في بوتقة ومختبر النهضة السورية القومية الاجتماعية العملية ، والاتجاه نحو أرقى واسمى ما يكون من المُثُـل العليا التي كلما حققنا منها مثالاً استنفرت الأمة همتها لتحقيق مُثُـل أعلى وارقى .
مفهوم الحرية ومفهوم الحقوق
الى هنا لا زلنا نتكلم بالعموميات دون ان نعرّف ونحدد مفهوم الحرية ومعناها ومفهوم الحقوق ومعناها .فسعاده لم يكن من الذين يطلقون العبارات والكلمات ابتساراً وبشكل مبهم غامض ، بل كان دائما يشدد على الوضوح من أجل تحقيق نهضة واضحة هي نهضة الأمة السورية. والحرية بالنسبة اليه ليست حرية العدم بل حرية الوجود. حرية الوجود السوري . وتحقيق حرية الأمة السورية يقتضي تأسيس منظمة واضحة في مبادئها.واضحة في غايتها .واضحة في برنامجها. ويقتضي العمل والجهاد في مواكب النهوض النظامية الواضحة . وهذه المنظمة الواضحة العقائدية النظامية هي منظمة الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي هو ” فكرة وحركة تتناولان حياة الأمة السورية بأسرها .
يبدو من مقال الرفيق أسامة عجاج المهتار انه اشتبه عليه مفهوم الحرية ومفهوم الحقوق في مدرسة الحركة السورية القومية الاجتماعية كما اشتبه ذلك سابقا على نعمة ثابت ومأمون اياس وصلاح لبكي وفخري المعلوف وفايز صايغ وغسان تويني ويوسف الخال، وكما اشتبه على كثيرين من اعضاء الحزب الذين اتهموا سعاده ونعتوه بانه ديكتاتور ومعادي للديمقراطية ومتعصب لرأيه . ويكفي أن نقرأ لسعاده ما قاله بشأن مدير وناموس مديرية توكمان في الأرجنتين ورأيهما ” الحر” في سعاده مؤسس الحزب وزعيمه حيث قال :” وكانت بذور الفوضى التي بذرها كامل عواد ونجيب ندره بقولهما بعصيان المراسيم والأوامر لأنها “استبدادية” وبعدم مناسبة دستور الحزب السوريين المغتربين لأن هؤلاء يقولون أن كل فرد يجب أن يكون حراً ليقبل ما يريد هو قبوله ويرفض ما يريد هو رفضه ليس فقط في الآراء بل في المراسيم والتعليمات الادارية أيضاً وأن هذه”الحرية” الفوضوية الهدامة للنظام الاجتماعي هي “الحرية الديمكراتية”.
الاشتباه في مفهومي الحرية والحقوق
الحرية في مفهوم الفلسفة السورية القومية الاجتماعية شيء ومفهوم الحقوق شيء آخر ، وكلاهما مكمل للآخر فلا حرية من غير حقوق ولا حقوق من دون حرية .ولكن يجب ان نعي ان الحرية الحقيقية هي حرية الأمة ونهضتها . هي الصراع من اجل تقدم الامة وعزها . فاذا أراد الفرد السوري أن يكون حراً بالفعل ، فان حريته لا يمكن ان تكون أو تقوم الا بارتباطها بحرية الأمة السورية وانبثاقها عن حرية الأمة السورية .وفي هذا نخرج من المصطلح المبهم للحرية الذي لا يحدد حقيقة الحرية ولا يعيّن حقيقة هوية الأمة المصارعة الحرة . ان الحرية التي نريدها ليست كلمة الحرية المبهمة والمطلقة على عواهنها بل نريد حرية أمتنا السورية في صراعها وفي رقيها وفي عزها لكي نكون أحراراً . أما خصوصيات الفرد السوري وحقوق الفرد السوري الداخلية واعتقاداته الخصوصية ونوازعه الغيبية فهي غير مقيّدة ولا تخضع لشروط لأنها بينه وبين نفسه ولا خطر منها على وحدة المجتمع، ولا خطر عليها ،ولا تتطرق لها تعاليم الحزب السوري القومي الاجتماعي لا من قريب ولا من بعيد ولا حتى غمزاً ما دام العضو يعمل بموجب التعاليم القومية الاجتماعية .وقول سعاده في هذا الصدد لا يحتمل شكاً حين قال في رسالته الى يعقوب ناصيف في 07/08/1941 : “ السوري المتدين يمكنه ان يكون قومياً اجتماعياً حقيقياً ، فالدين يكون له أمراً شخصياً خصوصياً يتعلق بالسماء ويختص بها ، فكل من يطبق التعاليم القومية الاجتماعية ويسير على منهاجها ويخضع لنظام الحزب السوري القومي الاجتماعي فهو قومي اجتماعي صحيح ،ولا تسأله عما يعتقد بعد ذلك ” .
فالشخص في رأيه الداخلي غير مقيد الا اذا أظهر الى العلن ما يسيء الى المجتمع وللحرية العامة او أساء وأضر بحقوق الآخرين فيستوجب ايقافه عند حده . وحرية الاعتقاد الداخلي أو حق الاعتقاد الفردي بحرية لا يوازيه واجب وليس مقرر من قبل منظمة أو حزب أو دولة ولا حتى من المجتمع الذي يعيش فيه بل هي حرية استذواقية غرائزية في نفسه الفردية الخصوصية تنبثق من أهواء وشهوات ورغبات الفرد الانانية الخصوصية .
قال مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي : “ الشخص غير المسؤول نظامياً وادارياً يمكنه ان يجهل او يتجاهل مسؤولية المجلس الأعلى ومسؤولية مجلس العمد ووحدة المسؤولية النظامية والادارية الدستورية تجاه القيم العليا ولكن المعيّن لمؤسسة من هذه المؤسسات لا يمكنه جهل ذلك او تجاهله. ”
التعاليم القومية الاجتماعية هي المقياس الاساسي
وبناء على كلام سعاده الذي هو المقياس الأساسي المعبّر عن العقيدة القومية الاجتماعية وليس هناك مقاييس أخرى فأقول ان الشخص الذي اقبل على الدعوة السورية القومية الاجتماعية ، واضطلع على مباديء الحزب السوري القومي الاجتماعي وغايته ونظامه، وأقسم اليمين عن وعيّ واقتناع وايمان ملتزما بنظامه، وموافقاً على القيام بواجباته ومسؤولياته، ومتمسكاً بحقوقه هو سيّد حر ما دامت المؤسسة التي انتسب اليها حرة في العمل من أجل المباديء السورية القومية الاجتماعية ،والغاية السورية القومية الاجتماعية ، والخطة السورية القومية الاجتماعية . وكل ارباك لهذه المؤسسة من جانب العضو هو تجاوز لحقوقه وتقصير في واجباته .ولا يخفى على المتنور ان في اهمال الواجبات وتجاوز الحقوق في أية مؤسسة عادية هو تعطيل لمبدأ الحرية العامة وتفريخ وهيجان للفوضويات الفردية التي يسمونها حريات فردية ،فكيف الحال اذا كان في مؤسسة عقائدية نظامية كالحزب السوري القومي الاجتماعي ؟ . ان الحريات الفردية والفئوية لا تستطيع تجنب التصادم فيما بينها المعطّـل لحيوية الأمة وعملها في اتجاه تحقيق النهضة السورية القومية الاجتماعية وارتقاء الأمة السورية . ولا اعتقد ان “الفيس بوك” سيكون بديلاً صالحاً لنهضة الأمة عوضا عن الحزب السوري القومي الاجتماعي . وسعاده لم يؤسس حزب ” الفايس بوك ” الذي هو افضل مثال عن ” الحريات الفردية ” التي تسربت الى النفوس من الفلسفة الفردية التي تقول ” بالانسان الفرد ” و التي بدأت تنتشر في صفوف من يسمون أنفسهم سوريين قوميين اجتماعيين أحرارا قرروا هذه الحريات لانفسهم استذواقاً من غير مسؤولية ومن غير انتظارحساب وليس حقوقاً اكتسبوها في منظمة تقول بفلسفة الانسان- المجتمع التي رتّبت عليهم واجبات ومسؤوليات ومنحتهم صلاحيات ليحيوا حياة الاحرار في أمة حرة .
في دراسة لي عن مفهوم الحرية في الفلسفة السورية القومية الاجتماعية نشرت في كتاب مفاهيم قومية اجتماعية صدر في البرازيل في السادس عشر من تشرين الثاني 2009 قلت فيها :” اننا نقول بالانسان- المجتمع الذي هو مصدر الفرد ، ونطاق بروز وتحقيق شخصية الفرد ، والضامن لاستمرار وجود وخلود الفرد . ففي المجتمع اصل الفرد ومصدره . وفي المجتمع بروز شخصية الفرد وتحقق كيانه . وفي المجتمع بقاء الفرد وخلوده , والفرد الحر هو ابن المجتمع الحر . ودرجة حرية الفرد ترتقي وترتفع سويتها بنسبة ما يتوحد بقضية مجتمعه ورقيه. وبقدر ما يعمل الفرد من اجل عزة مجتمعه ورقيه وليس بنسبة ما ينعزل ويغترب عن قضية مجتمعه لأن في الانعزال تنكر للوعي والمناقب يؤدي الى التقزم والتصنم والانهيار. والحرية لا تكون أبداً تقزّماً وتصنّماً وانهياراً بل هي دائماً انفتاح لا نهاية له،وحركة ديناميكبة لا تتوقف عن الفعل، ونموّ من طبيعته الاستمرار.والنموّ هو نموّ الوعيّ والفكر. والحرية هي مظهر نموّ الفكر الذي يوجّه الارادة،فتسمو الارادة بحرية الفكر وتزيده وضوحا وقوة وفاعلية فيزداد تألقاً ، ويزداد المجتمع تقدماً وحرية ويصبح الانسان مؤهلاً لتحقيق: ” الحياة الأجود ، في عالم أجمل ، وقيم أعلى ” كما قال سعاده .
الضرورة الأولى معرفة العقيدة معرفة صحيحة
أعود لأشدد على ما قاله سعاده بعد سفره :” أن من أشد الأسف أن تكون العقيدة أهملت بالكلية بعد سفر الزعيم بسنة وأن لا تكون المؤسسات الحزبية العليا تنبهت الى أن معرفة العقيدة معرفة صحيحة هي أول ضرورة نفسية للقوميين الاجتماعيين ،وانها أول الأمور الثقافية والاذاعية التي كان يجب أن تعنى بها كل العناية لتحقيق هدف انشاء جيل جديد ينظر الى الحياة والكون والفن نظراً جديداً ”
نعم أيها الرفقاء الأعزاء ،أن معرفة العقيدة السورية القومية الاجتماعية معرفة صحيحة هي أول ضرورة نفسية للقوميين الاجتماعيين ، وأول الأمور الثقافية والاذاعية التي يجب أن نعتنى بها كل العناية ونوليها الاهتمام الكبير لنكون رجال ونساء نهضة يعملون بتعاليم جديدة ليحققوا الانتصار بالحق والحرية اللذين قال عنهما سعاده :”الانتصار لا يكون الا بالحرية فالحرية صراع. الحرية ليست حرية العدم ،بل حرية الوجود،والوجود حركة. هي حرية الصراع – صراع العقائد في سبيل تحقيق مجتمع أفضل ولا معنى للحرية وراء ذلك. ويل للعقائد الباطلة من الحرية،لأن الحرية صراع ! الصراع امتحان العقائد والقيم،وهو امتحان النفوس. ونهايته دائماً :غالب ومغلوب! الحق والحرية هما قيمتان انسانيتان من قيم الانسان- المجتمع! كل مجتمع يفقد هاتين القيمتين يفقد معنى الحياة السامي! الحياة بدون هاتين القيمتين عدم !”
وهذا ما اراد ترسيخه مؤسس مدرسة الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي قال بعد عودته من الاغتراب القسري:” لذلك أرى الاسراع باعادة الندوة الثقافية ودرس تعاليم النهضة القومية الاجتماعية والقضايا التي تتناولها ، ضرورة لا يمكن اغفالها “.
التقصير في درس التعاليم القومية الاجتماعية
لو عاد كل منا الى نفسه وصارحها كما تقتضي الصراحة لوجد انه كان مقصّرا في درس التعاليم القومية الاجتماعية بينما هو متقدم في درس العقائد الأخرى ومضطلع على الكثير الكثير من الأفكار والنظريات والدراسات والابحاث والمذاهب التي تستند الى الفلسفات الفردية المادية و الروحية وغيرها من الفلسفات الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والادارية والادبية والفنية والتجريدية وما ينتج عنها من رؤى ونظريات وآراء واستراتيجيات وتكتيكات وتبريرات واجتهادات وفي الوقت نفسه يدّعي انه عالم وعبقري ومبدع في الفكر القومي الاجتماعي . وقد تنبه الزعيم سعاده الى ذلك في قوله :” إن بعض طلبة الفلسفة من الرفقاء تُرِكوا بلا تعليم عقدي ليقبلوا تعاليم المدرسة العقدية الأولى التي يدخلون لتعلّم الفلسفة فيها ، فدرسوا المذاهب الفلسفية الكلاسيكية وما عُرِضَ عليهم أو وُجِّهوا إليه من مذاهب اخرى إلاّ الفلسفة القومية الإجتماعية. فهذه لم يكن بقربهم من يهتم بتوجيههم إليها، فلم يكن لها مكان في أفهامهم، وكوّنوا نظرتهم أولياً ونهائياً على غير نظرتها واصولها. ومن البديهي أن يكون إنتاجهم في هذه الحالة في غير اتجاهها وفي غير نظرتها…”
هذه هي الحقيقة . الذين يقولون عن أنفسهم أنهم قوميين اجتماعيين يعرفون عن الفلسفات الأخرى والفلاسفة الآخرين أكثر بكثير مما يعرفون عن الفلسفة القومية الاجتماعية ، ويعرفون عن الآداب والفنون والقوانين والمفاهيم والنظريات الأخرى اكثر مما يعرفون عن الأدب والفن والقانون والمفاهيم والنظريات في التعاليم القومية الاجتماعية. ولذلك أقول حتى نحن المتناقشبن والمتدارسين والمتداولين الآراء والأفكار في هذه الندوة لسنا قوميين اجتماعيين بالمطلق بل يمكن القول أننا على طريق الصراع القومي الاجتماعي، ولا ندري اذا كنا سنصمد الى النهاية على هذا الطريق فنكون قوميين اجتماعيين بالفعل وليس بالقول أم سنتوقف أو سنقعد ونتقاعد أو سنسقط كما توقف غيرنا وقعد وتقاعد وسقط . والمستقبل هو الذي سيكشف كل الحقيقة .
حق ابداء الرأي بحرية لا يعني الحرية الفردية
يقول الرفيق أسامة ان المقصود من كلامي هو ربط الحرية قسراً بالفئوية لنفي مبدأ “الحرية الفردية ” للهجوم على المعارضة في قوله هذا : ” إن المقصود من كل هذا الكلام اي(كلامي ) هو ربط الحرية قسرا بالفئوية والفوضى وصولا الى الهجوم على المعارضة الحزبية الى ان يقول : ليت الرفيق يوسف المسمار لم يستخدم نفي مبدأ الحرية الفردية عكازا للهجوم على معارضة الفساد.” أي فساد القيادة في الحزب .
أؤكد من جديد واستند الى قول سعاده وفلسفة الانسان- المجتمع وأقول : ان الحرية هي قيمة اجتماعية انسانية من قيم الانسان- المجتمع وليست قيمة فردية من قيم الانسان- الفرد . والحرية صراع قومي اجتماعي وليست صراع فردي شخصي. وهي صراع عقائد في سبيل انتصار العقيدة الأفضل والقيم الاجتماعية الأفضل ، وليست صراع أفكار فردية في سبيل انتصار قيم فردية تبذر الشقاق في أنفس مليارات البشر مدعيّاً كل واحد منهم أن فكرته الأفضل ، واذا تواضع بعض الشيء اعتبر أن فكرته التي تؤيدها شلته او قبيلته أو الذين يتحزبون له هي الأفضل مُكّفـراً كل ما عداه ، ومسفّها كل الأفكار التي لا تتفق مع فكرته ولا تلائمه ، وزاعما انه وحده الصالح والأفضل وغيره على ضلال .
لقد قال سعاده بحق ابداء الرأي بحرية ولم يقل بحرية فردية . والفرق كبير وشاسع بين مصطلح ابداء الرأي بحرية ومصطلح الحرية الفردية وخاصة في منظمة عقائدية كالحزب السوري القومي الاجتماعي . وللتأكيد على ذلك أرى من المفيد ان أورد هذا النص لسعاده نفسه: ” إن ابداء الرأي بحرية هو من حقوق كل عضو في الحزب السوري القومي الاجتماعي،ولكن ابداء الرأي يجب أن لا يكون معناه التدخل من الأدنى في صلاحيات الأعلى ومسؤولياته ، حتى ليكاد يشعر الأعلى أنه مسؤول تجاه الأدنى والعكس ما يجب أن يكون.هذه نقطة اساسية في طبيعة النظام مهما كان شكله . فيا ليت المسؤولين ينصرفون بالكلية الى اتمام شؤون مسؤولياتهم قبل النظر في شؤون مسؤوليات غيرهم،فتكون حركاتهم وأعمالهم أفيد للقضية ولو كانت انتقاداتهم” للزوبعة”في محلها “جريدة الزوبعة- الارجنتين في 15 كانون الاول سنة 1942 وهي الجريدة التي كان يصدرها حضرة الزعيم في مغتربه.
لكل عضو في الحزب ” حق ابداء رأيه بحرية “وليس حق “الحرية الفردية” لكل عضو . فمن حق كل عضو في الحزب أن يبدي رأيه بحرية لتتفاعل جميع الآراء بحرية في النظام السوري القومي الاجتماعي فتتوصل ادارة الحزب العليا الى وحدة التناعم المنسجم مع تعاليم النهضة السورية القومية الاجتماعية ويكون القوميون وحدة نظامية روحية .وليس من حق أي عضو ان يتذرع بحرية فردية فيفرض “حريته” قسراً أي رأيه على أعضاء الحزب فاسحا المجال لغيره ومشرّعا قانون الحريات الفردية بحيث يصبح لكل عضو حريته الفردية الشرعية التي تحوّل الحزب كله الى بؤر من الحريات الفردية والفئوية والتجمهرات والخصوصيات الفردية المتناقضة فيما بينها والمتضاربة في أبشع وأخطر بلبلة وميعان وتخبط .
الندوة الثقافية هي بيئة النضوج
أما بالنسبة الى تمني الرفيق العزيز أسامة المهتار الذي يتمنى عليّ ان أعيد النظر برايي وأقول ” بالحريات الفردية ” في النظام العقائدي السوري القومي الاجتماعي ، فان المسألة ليست مسألة تمنيات ومنى ورغبات خصوصية بل مسألة بناء نفسي جديد ونهوض بالحياة جديد كما قال واضع التعاليم السورية القومية الاجتماعية معلمنا سعاده : ” نحن نبني أنفسنا،فلسنا حزب كلام ولا حزب تمنيات ،نحن نبني أنفسنا حياة وحقاً !”
لقد طرح الرفيق أسامة أسئلة استهجانية خطيرة أهمها هذا السؤال : ” كيف يمكن لحزب ان يتصور ان المقبل للانتماء اليه بحريته الفردية – بمعنى ان شخصيته الفردية قد برزت واستقلت وأصبح هو سيد قراره – يمكن له ان يتخلى عن حريته الفردية هذه بمجرد الانتماء الى الحزب.؟ “
جوابي ان الرفيق أسامة معه حق وكل الحق بالنسبة لعقلية الانسان –الفرد لأن الفردي لا يقبل التخلي عن فرديته . أما أن نقول هذا القول بالنسبة لعقلية الانسان-المجتمع . الانسان القومي الاجتماعي الذي ارتفع الى درجة الوجدان القومي الاجتماعي فقول خطير ، وتصبح المسألة ليست مسألة تصّور بل هي أعمق بكثير لأنها مسألة انسان التقاليد الفردية العتيقة المنبثقة من فلسفة وعقيدة الانسان-الفرد التي استبدت بنفوس أبناء شعبنا لأجيال وأجيال وحوّلت خطط نفسيتنا وخط حضارتنا من التقدم الى التقهقر وجعلته لا ينظر الى الانسان من زاوية الحقيقة الانسانية الكبرى – حقيقة المجتمع ” بل جعلته ينظر الى الانسان ” من زاوية الفرد الذي هو في حد ذاته وضمن ذلك الحد مجرد امكانية انسانية “كما عبّر عن ذلك سعاده . فالانسان الفرد يتمسك بفرديته ويسميها حرية ولا يرضى التخلي عنها .
يمكننا أن نبرر هذا النظر الفردي للذين لم يهتدوا الى النظرة القومية الاجتماعية وينظرون الى الانسان من زاوية الفرد ، والذين لا يمكنهم ان يتخلوا عن حرية وهمية لم تكن لديهم يوماً ولا توفرت لهم منذ قرون .بل ان أقسى ما توفر لهم من الحرية هو الحرية في سجون أنانياتهم وطائفياتهم وقبائلياتهمم وعشائرياتهم وعائلياتهم ومناطقياتهم وحبوس استعمارهم والمنتدبين الذين زعموا انهم أوصياء ويحكمونهم شفقة عليهم . أما أن يصدر ذلك عن قومي اجتماعي فالمسألة تصبح أخطر ويضطرنا الى طرح السؤال التالي : ” كيف يمكن أن يدخل الى أذهان الرفقاء الذين ولدوا ولادة جديدة باعتناقهم فلسفة الانسان- المجتمع وعقيدته ونظرته ان يتراجعوا عن شخصيتهم الاجتماعية والوجدان الاجتماعي الى مرحلة الشخصية الفردية ؟
لا يا رفيقي . الحرية الحقيقية تكون باختيار حياة الانسان- المجتمع والتخلص من عيش الانسان- الفرد ، لأن الحرية باقية ببقاء الانسان-المجتمع الباقي وليس بالانسان- الفرد الزائل مهما طال أجله .ويكفي ان يكون المرء دائراً في دائرة فرديته الشخصية لكي يعطي دليلاً واضحا على أنه ليس حراً . وحتى بروز شخصيته الفردية التي تقول عنها انها شخصية حرة ومستقلة هي في الواقع والحقيقة شخصية بارزة فردياً وأنانياً ولكنها ليست حرة ولامستقلة لأنها ليست الا مجرد أمكانية انسانية ولا تصبح حرة ومستقلة وسيّدة ونافعة الا بعد يقظة الوجدان الاجتماعي الانساني فيها وهذا ما وضّحه لنا المعلم أنطون سعاده حين قال في مقدمة مؤلفه العلمي الاجتماعي ” نشوء الأمم” : ” إنّ الوجدان القوميّ هو أعظم ظاهرة اجتماعيّة في عصرنا، وهي الظّاهرة الّتي يصطبغ بها هذا العصر على هذه الدّرجة العالية من التّمدن. ولقد كان ظهور شخصيّة الفرد حادثاً عظيماً في ارتقاء النّفسية البشريّة وتطوّر الاجتماع الإنسانيّ. أمّا ظهور شخصيّة الجماعة فأعظم حوادث التّطوّر البشريّ شأناً وأبعدها نتيجة وأكثرها دقة ولطافة وأشدّها تعقّداً، إذ إنّ هذه الشّخصيّة مركّب اجتماعي ــ اقتصاديّ ــ نفسانيّ يتطلّب من الفرد أن يضيف إلى شعوره بشخصيّته شعوره بشخصيّة جماعته، أمّته، وأن يزيد على إحساسه بحاجاته إحساسه بحاجات مجتمعه وأن يجمع إلى فهمه نفسه فهمه نفسّية متّحده الاجتماعيّ وأن يربط مصالحه بمصالح قومه وأن يشعر مع ابن مجتمعه ويهتمّ به ويودّ خيره، كما يودّ الخير لنفسه.”
أشكر الرفيق اسامة عجاج المهتار على تعليقه وأيضاً اشكر جميع الرفقاء الذين شاركوا ويشاركون في هذه الندوة وهم الأمناء ايلي خوام وأحمد أصفهاني الجزيلي الاحترام والرفقاء غسان الياس واسامة همداني وشحادي الغاوي وايليا باز وفؤاد جورج ونايف معتوق وفرنسوا نعمة وطه غدار وميكائيل نصرالدين ونبيل المقدم والذين سوف يشاركون في هذا التدارس وهذه النقاشات الفكرية والثقافية التي دعانا اليها واضع تعاليم القومية الاجتماعية سعاده في قوله :” الواجب الاول على كل قومي اجتماعي في الاوساط الثقافية الاطلاع على الأمور الأساسية ، وفي صدر وسائل الاطلاع والمعرفة الصحيحة ، الندوة الثقافية . فيجب ان نطبق نظامنا على اجتماعات الندوة الثقافية . واذا كنا لا نقدر ان نطبّق النظام في الأوساط المثقفة اعترفنا بأن هذه الأوساط غير صالحة لحمل أعباء حركة فكرية ذات نظرة واضحة الى الحياة وليست أهلاً للاضطلاع بعمل عظيم كالذي وضعناه نصب أعيننا ، وهو ايجاد مجتمع جديد نيّر في هذه البلاد وايصال هذه النظرة الى كل مكان“.
وأرجو ايضاً ان يكون جميع الرفقاء على يقين – سواء الذين كانوا منتقدين وآراؤهم مناقضة لرأيي- انهم أعزاء عليّ كالذين أيَّدوا رأيي ولا يحق لي أن أدّعي أن وجهة نظري هي القول الفصل بل أن كلمة الفصل هي في التعاليم التي وضعها صاحب العقيدة سعاده . وجل ما ما أطمح اليه هو أن نكون جميعاً وحدة حياة روحية نظامية ، لأنه اذا لم يكن القوميون الاجتماعيون صريحين فيما بينهم ، صادقين في مكاشفتهم بعضهم بعضاً ، واثقين ببعضهم البعض رفقاء وأمناء ومسؤولين ، فان الصعوبات التي واجهناها في ما مضى هي أقل وطأة بكثير مما سيواجهنا من صعوبات في المستقبل . فلنضع حداً لكل صعوبة بانسجامنا وتناغمنا في اعتماد الندوة الثقافية مخرجأ من الفوضى ومدخلاً الى النظام السوري القومي الاجتماعي الذي لا نظام فوقه ولا أفضل منه لانتصار النهضة السورية القومية الاجتماعية .
بناء النفوس هو الاصلاح الفعلي
لا ارى في ختام هذا المقال الذي عنوانه : “ الحزب السوري القومي الاجتماعي حركة حرية الانسان- المجتمع السوري للأفضل وليس حزب الخصوصيات الفردية والنوازع الغيبية “. من هذه العبارات للمعلم أنطون سعاده القائل : ” الحق والحرية هما قيمتان انسانيتان من قيم الانسان – المجتمع ! كل مجتمع يفقد هاتين القيمتين يفقد معنى الحياة السامي ! الحياة بدون هاتين القيمتين عدم !”
“ان الحركة القومية الاجتماعية هي حركة الحرية ، وهي أيضا حركة الواجب والنظام والقوة ”
” اننا نهضة سورية قومية اجتماعية من صميم قضايا الشعب وحياته وعزه، والذين يبحثون عن النهضة خارج نطاق النهضة القومية الاجتماعية قد ضلوا ابعد الضلال !
ايها الشباب ! لا تنتظروا الاصلاح بتغييرالاشكال ولا تطلبوا الاصلاح من الخارج .النهضة تبتديء في نفوسكم فادخلوا صفوف النهضة القومية الاجتماعية وابنوا نفوسكم فيها بناء جديدا فهي الاصلاح فعلا ومقدرة لا صياحا وعجزا !
النهضة القومية الاجتماعية تقدم وانتصار وعز !”
أيها الرفقاء والرفيقات الأعزاء
النهضة القومية الاجتماعية لا تسير الى الأمام بالتراشق بما يبعدالرفقاء عن تعاليمها ، بل تسير الى الأمام بكل ما يرسّخ تعاليمها فيهم ، ولا تتقدم بتقنيص الرفقاء بعضهم بعضاً بتبادل الأحقاد والكراهيات بل تتقدم بالصراحة فيما بينهم وتبادل الاحترام والمحبة والمودة . ولا تنتصر بالتقهقر في سراديب الفردية والأنانية المدمّرة لكيان الأمة بل تنتصر بالقوميين الاجتماعيين الواعين المصارعين العارفين المؤمنين أن كل مافيهم هو من أمتهم وبقاؤهم وعزّهم في هذا الوجود ببقائها وعزّها.
الرفيق يوسف المسمار
البرازيل – كوريتيبا في 06/010/2016