الإصلاح عمل الصالحين

 

الاصلاح عمل الصالحين

استلمت من الرفيقين العزيزين الصحفي أحمد اصفهاني والدكتور عطا السهوي ، لهما الشكر ،مقالاً مهماً للرفيقة العزيزة المحترمة صوفي نادر جاء تحت عنوان : ” نقد وتعليق على مقال الاصلاح من الداخل” الذي كتبه الرفيق العزيز الدكتور عادل بشارة، وفي مشاركتي هذه لا أخفي تقديري واحترامي للرفيقين العزيزين صوفي نادر وعادل بشارة في اجتهاداتهما في توضيح مفهوم الاصلاح وممارستهما لواجباتهما وحقوقهما القومية الاجتماعية في ميدان الصراع الفكري الراقي الذي أسس له المعلم أنطون سعاده في ابداع العقيدة السورية القومية الاجتماعية مباديء وغاية ومناقبية ، وتأسيس وسيلة تحقيقها التي هي الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي كان بعد تاسيسه وانطلاق حركته دولة الأمة السورية المصغّرة المعبّرة عن ارادة الأمة السورية الحرة السيدة على نفسها ووطنها .

الحزب هو كيان الأمة الصالح

ان بامكاننا ان نعلن صراحةً ان لا كيان للأمة السورية اليوم ولا روح لها بتاريخها الزمني الحضاري وبحدود وطنها الطبيعي الا في الحزب السوري القومي الاجتماعي ، ولا معنى لعقيدة ان لم تكن فاعلة في الحزب والحزب فاعل بتعاليمها بعد أن أثبتت التجربة صلاحه وضرورته على مدى تاريخه لنهوض الأمة واحتلالها مكانها اللائق الذي تستحقه لنفسها في بيئتها وفي العالم رغم ما أصاب هذا الحزب من ضربات ليس من الخارج وحسب بل من الداخل أيضاً . بل ان ما أصابه من الداخل ممن حُسبوا ويحسبون أنفسهم من أعضائه هو أكبر بكثير مما أصابه من الخارج من أعدائه.ورغم ذلك بقي هو الصالح عقيدة ونظاماً ومناقب ووسيلة نهوض وانتصار ، وبقيت عدوات الخارج غبارأً تتبدد امام زوابع العقيدة ومسيرة الحزب ، وبقيت النزوات الداخلية تتلاشى أمام صمود وثبات وايمان وصراع من عاهدوا وتعاهدواعلى تحقيق نهضة الأمة حتى ولو تراكمت أجسادهم على طريق الحياة النهضوية الجديدة التي آمنوا بها طريقاً قويماً الى النصر الذي لو أرادوا الفرار منه لما وجدوا الى ذلك سبيلاً كما قال المعلم سعاده.

الانسان الصالح يحقق الاصلاح

لقد أعلن سعاده منذ بداية التأسيس أننا تعاقدنا في الحزب على تحقيق أمرٍ خطير يساوي وجودنا، وهذا الأمر الخطير الذي يساوي وجودنا هو الأمر الصحيح .هو المهمة الكبرى التي هي تحقيق وحدة ارادة الأمة السورية ونهضتها، وتحقيق وحدة وطنها ، وتحقيق سيادتها على نفسها ووطنها، وتغيير مجرى التاريخ الذي كتبته الارادات الغريبة لها بصناعة وكتابة تاريخها الجديد بنفسها . فمن شك في هذا الأمر الخطير وتصرف بشكل ينافي القيام بتنفيذ هذه المهمة فكراً وسلوكاً وعملاً ومناقب فقد أسقط نفسه بنفسه ودفعته أمواج مسيرة الحزب فركد على جوانب طريقها قاعداً أو متقاعداً أو مقعداً في بؤرة أنانيته وانعزاليته وأوهامه التي تصوّر له أنه الوحيد الصالح القادر على الفهم، واعطاء الفتوى الصحيحة ، وقيادة المسيرة ، والحكم على غيره من العاملين صلاحاً أو طلاحاً ، براءةً أو ادانة .

وبما ان مسيرة الحزب مسيرة أجيال أمة تطورية حضارية يشارك فيها مئات الآلاف بل الملايين من السائرين فقد كثرت على جوانب الطريق بؤر ومستنقعات القاعدين والمقعدين والمتقاعدين والأنانيين الموهومين الواهمين الذين تصوّر لهم أوهامهم وتوهمهم انهم وحدهم الوحيدين الصالحين القادرين على الفهم، واعطاء الفتوى الحاسمة الفاصلة ، وقيادة المسيرة ، وممارسة القضاء واصدار الحكم على غيرهم بالصلاح او الفساد تماماً كما حصل في الرسالات الدينية الموسوية والمسيحية والمحمدية حين استأثر رجال الدين بفتاوي اعطاء شهادة الايمان التي لا تسقط عمن اعطيت له طالما بقي عاملاً بأوامر فتاويهم ، او الحكم بالتكفيرالذي لا يقبل مراجعة ولا اعتراضاً ولا تمييزاً ولا نقضاً حتى صارت مسيرة الرسالات الدينية صالحة ونافذة بتأويل رجال الدين وليس بحكمة الرُسل ، وبالنصوص وليس بالمدارك العقلية ، وبالرغبات الشخصية وليس بالقلوب الواعية ، فتغيّر بالفعل مجرى تاريخ الدينيين المؤمنين بالوراثة وليس بالعقل والفهم ، ولكن ليس بالاتجاه التطوري بل بالاتجاه التقهقري . وليس بالحضارة بل بالتخلّف . وليس بالفعل والعمل والانتاج والابداع بل بالثرثرة والكسل والاستهلاك والتقليد القبيح . وهذا ما يحصل اليوم مع المحبطين ممن يسمون أنفسهم بالقول قوميين اجتماعين، ويمارسون أفعالهم بفردياتهم الانانية وحمية خصوصياتهم الشخصية ويتبوؤون ويبوئون أنفسهم استبداداً مناصب الفتوى وتوزيع تُهم الفساد على كل من لايمدح أقوالهم ولا يوافق على فتاويهم، ويغممرون المطبلين لأقوالهم وسلوكياتهم بشتى انواع المديح .

النهضة وعيّ وبالوعيّ النهوض

الحزب السوري القومي الاجتماعي حركة نهضة ولا تقوم النهضة وتستقيم الا بالوعيّ. هذا هو الحزب انبثاق وعيٍّ جديد ،والوعيّ لا ينشأ ولا يقوم الا بموهبة العقل ، والعقل الذي هو قوة التمييز بين ما هو حق وما هو باطل لا يمكن أن يكون الا نهضوياً ناهضاً ، والنهوض معناه التطور الذي هو ” خروج عن المألوف يموت من منه الطالح ويثبت الصالح ليصير قاعدة انطلاق لقفزة جديدة ” كما عبّر عنه الرئيس السابق للحزب الأمين الدكتور عبد الله سعاده . وهذا هو تغيير مجرى التاريخ الحقيقي في حكمة مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي .هذا التغيير يحتاج الى عقول مبدعين ، ونفوس مناقبيين، وارادة واعين مؤمنين ،وسواعد أبطال أصلحوا أنفسهم بالاعمال لا الأقوال، ويستمرون في ترقيتها واصلاحها لتفعل ارادتهم فعلها في مواجهة المصاعب والأزمات والكوارث والمؤامرات والصعوبات الداخلية والخارجية، وكل هذه العراقيل والحواجز يحتاج الانتصار عليها الى وقت ” والوقت كما علمنا سعاده شرط أساسي لكل عملٍ خطير “.

لقد قال المعلم سعاده المؤمن ” بالعقل شرعاً أعلى وقانوناً أساسياً ” ” ان لائحة العقاقير لا تصنع طبيباً ” فالطبيب الناجح هو الذي يصنع العقاقير النافعة . والمريض الذي يريد الشفاء هو الذي يقبل المعالجة ويطيع تعليمات الطبيب في تناول الدواء حتى يشفى.فاذا كان الطبيب صالحاً وكان المريض مطيعاً وقائماً بواجب العمل بالتعليمات خير قيام ، فان الشفاء يصبح أقرب الى التحقيق في مدة قصيرة . وهذا ما يحصل في مجال معالجة وطب الأفراد . أما في معالجة وتطبيب الأمم فالمسألة أعمق وأعقد وأصعب لأنها تحتاج الى معرفة شاملة لأسباب الويل الذي حلّ بالأمة ، ومعرفة الامكانيات والموارد المتوفرة ، والظروف والفرص السانحة ، وتحتاج أيضاً الى نفوس كبيرة تتحمّل مسؤولية ازالة أسباب الويل مهما تطلب ذلك من جهاد وثبات وتضحيات وصبر ووقت ، وتحتاج أيضاً وأيضاً الى استعداد صادق، وارادة قوية، وعزيمة حاسمة ، واقدام غير متردد . وكل هذه الأمور لا يستطيع ان يقوم بها بموجب النظرة القومية الاجتماعية الا الانسان الصالح القومي الاجتماعي . والانسان الصالح القومي الاجتماعي هو الانسان-المجتمع لاالانسان-الفرد. والانسان- المجتمع الجديد هو الحزب السوري القومي الاجتماعي وليس انسان – الزمر والشلل والتجمعات والفئات والتحركات من هنا وهناك وهنالك .

وهذه المعرفة والقيام بواجب ازالة الويل تتطلب جهوداً أكبر، وثباتاً أشد، واستعداداً أمتن، وجهادا متواصلاً، وصبراً أقوى، ووقتاً أطول. فاذا غاب الوعيّ وانعدم الايمان وقلّت الامكانيات ، وضعفت الجهود، وتخلخل الثبات، وتقطع الجهاد ، وهزل الصبر، واختزل الوقت ،وسيطر الخمول والاتكال فان اصلاح حياة الأمم يصبح وهماً وتخميناً ولا تقوم للأمة بعد ذلك قائمة . فاصلاح حياة الأمم لا يكون بفورات اعتباطية ، ولا باحلام خيالية ، ولا بضربات سحرية ، ولا بانتظار هبوطها من السماء، ولا بالاعتماد على ظهورعفاريت الجن، ولا بالصياح والشتائم والمنادات بالويل والثبور ورمي الآخرين بكل فرية ، ولا بتوهم البعض انهم يملكون مفتاح الحقيقة المطلقة وأسرار الخلاص والصلاح والنجاة .

كلنا في الحزب مسؤولون

لقد كانت الرفيقة صوفي نادرموفّقة كل التوفيق في قولها:”في الحزب السوري القومي الاجتماعي كلنا مسؤولون أياً كان منصبنا “ في ردها وتعليقها على مقال الرفيق الدكتور عادل بشارة اليائس من ” الاصلاح من داخل الحزب السوري القومي الاجتماعي” في قوله في ختام مقاله : ” أن أهل العلة في الحزب قد أصبحوا اليوم غير مؤهلين للإصلاح . لقد حان الوقت للتفكير خارج المألوف

نعم كلنا مسؤولون ولا أحد يُعفى من المسؤولية. والاصلاح الحقيقي المنشود ليس الذي يُطالِبُ به المطالبون بل الذي يقوم بتحقيقه العاملون ، وليس الذي يُنتظرُ ان يقوم به الآخرون بل هو الذي تظهر نتائجه في ابداع المنتجين . وليس الذي تُجعجع به الجماهير بل هو الذي تصنعه الفئة الواعية الممارسة للبطولة المؤيدة بصحة العقيدة وهذا ما أشارت اليه الرفيقة العزيزة صوفي نادر حين قالت :” يتثبت في ذهني أن المذنب الأكبر هو نحن أنفسنا، القوميون الاجتماعيون، لأننا لا نمارس واجباتنا كما هو مفترض.

لقد قلت في مقالة نشرتها في بداية الحرب العالمية على “الجمهورية العربية السورية في الكيان الشامي” تحت عنوان ” لا اصلاح الا بالصلاح” القول التالي :” مخطيء من يعتقد ان الاصلاح يكون بالكلام والتنظير وكثرة المطالب والالحاح بسرعة الاستجابة ، ومخطيء أكثر من يتوهم أن الاصلاح يتحقق بمسيرات الشوارع والصياح والضجيج وتخريب المرافق العامة والخاصة والاعـتـداء على المـواطـنين باسم الـثـورة . فالـثـورة لا تكـون بالتخريب ، بل بالبناء. ولا تتحقق بالكلام ، بل بالأفعال. ولا تتقدم بالمنى والأحلام ، بل بارتقاء الفكر وقوة الإرادة… الاصلاح لايتم الا بتوفـر شرطين اساسيين مهمين لا يمكن الاستغتاء عن أيٍّ منهما ابدأ هما : العقيدة الصحيحة الواعية الهادفة ، والبطولة المؤمنة الصادقة العاملة والمؤيدة بصحة تلك العقيدة.

أما العقيدة الصحيحة فانها تعني في العمق الفكـر الـراقي الحكيم الهادف و الارادة الفاعـلة الـتي تحقـق ذلك الفـكـر الراقي الحكيم . العقيدة هي فكر وإرادة . وأما البطولة المؤمنة الصادقة فانها تعني القيادة الصالحة والشعب العظيم الـذي يمتاز أبناؤه بثقافة واعـية راقية ، وبانتاجية فكرية وعلمية وفـنية وصناعية وزراعية مبـدعـة، وبنفسية شجـاعة عطائية لا تبخـل حتى بالـدماء من أجـل تحقيق الأمر الذي يساوي وجودها . ألا وهو مصلحة الأمة التي هي قـبـل وفـوق كل مصلحة جـزئية داخلية أو مصلحة عدوانية خارجية والتي بتحقيقها تـتحقق جميع مصالح المواطنين الأحياء في جيلهم الحيّ وجميع الأجيال القادمة . فمثلث العقيدة الصحيحة والقيادة الصالحة وجيل الشعب الصالح هو فريق الصلاح الذي لا يمكن ان يتحقـق أي اصلاح بـدونه . الصالح وحـده يستطـيـع أن يُصلـح ، ومن المحـال ان يتمكن الطالح من ذلك.”

وهذا الكلام يفيد ان المثلث الصالح هو العقيدة القومية الاجتماعية الصحيحة ، ونظام الحزب السوري القومي الاجتماعي الصحيحح ، والقوميين الاجتماعيين الأصحاء.والصحيح لا يصح الاعند الأصحاء، والاصلاح لا يحققه الا الصالحون.

 

مثلث الاصلاح القومي الاجتماعي

فالصالح بالنسبة للمفهوم السوري القومي الاجتماعي هو هذا المثلث الذي ابدعه وانجزه سعاده في حياته وصدّقه حين وقّعه وختمه بدمه . وللايضاح أكثر ، فان العقيدة الصحيحة هي المباديء الأساسية والاصلاحية والغاية. وأما القيادة الصالحة ، فانها الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي هو دولة الأمة السورية والوطن السوري المصغرة في الحزب وليس فرداً أو زمرة أفراد أو ملّة أفرد ، فليس في بلادنا غير منظومة مؤسسات الحزب من يقول ويعمل ويضحي لوحدة الأمة السورية التامة في تعاقب أجيالها ووحدة الوطن السوري التام بكل كياناته وجميع المناطق المسلوخة عنه . وأما فريق ورشة تنفيذ الاصلاح والصلاح ، فانه الجماعة الواعية المناقبية العاملة المنتجة في مؤسسات الحزب التي هي مجموع السوريين القوميين الاجتماعيين الملتزمين بمباديء وغاية العقيدة الصحيحة ، والعاملين بنظام ونهج الحزب السوري القومي الاجتماعي ، والمقدمين للأمة بمناقبيتهم العقلية الأخلاقية الجديدة الراقية بعملهم وصراعهم في صفوف دولة الأمة القائمة على دعائم وقواعد الحرية والواجب والنظام والقوة .

هذا المثلث المركّب الاجتماعي العقائدي النظامي المناقبي الذي عبّرتُ عنه بالصالح هو وحـده الذي يستطـيـع أن يُصلـح ، ومن المحـال ان يتمكن أيّ جهاز مُفَسَّخ فردي أو تكتلي منفعي فوضوي خصوصي المطامع  من ذلك.

الاصلاح حقٌ واجب وواجبٌ حق

لا بد هنا من التنويه بما ختمت به مقالها الرفيقة العزيزة صوفي نادر حيث تقول : ” لا يحق لأي مسؤول في حزبنا أن يسلب القوميين الاجتماعيين حقهم، كما لا يحق لأي قومي اجتماعي أن يتخلى عن حقه. حزبنا حزب حركة وتغيير، صفتان تتطلبان التأقلم والتقدم، تتطلبان دراسات ميدانية دائمة لتحديد الأولويات ومستلزمات مواجهتها. وكل من يقف إزاء هاتين الصفتين ليقوقع الحزب فيقيم التغيرات لتناسب مطامعه الخاصة ومصالح أجنبية لا تمت لمصلحة أمتنا بأي صلة، من المفترض إزالته وبتره بأقصى سرعة.

حبذا لو أضافت في مستهل فقرتها الأخيرة كلمة الواجب الى جانب الحق لكان أجدى وأوضح لتكون عبارتها كالتالي :” لا يحق لأي مسؤول في حزبنا أن يسلب القوميين الاجتماعيين حقهم او يمنعهم من القيام بواجبهم ، كما لا يحق لأي قومي اجتماعي أن يتخلى عن القيام بواجبه وممارسة حقه.”

فالحق الواجب هو هو الواجب الحق ، والقوميون الاجتماعيون هم جميع الرفيقات والرفقاء ابتداء من رئيس الحزب الى أحدث عضو يؤدي قسمه للتو . كلهم مسؤولون . وكلهم في توحيد ايمانهم في الحزب هم القيادة الصالحة الدائمة وليس الفرد الزائل ولا الأفراد الزائلون . وفي اطار نظام حزبهم بعملهم وانتاجهم يصححون ويصلحون . يصلحون أنفسهم في حزبهم، ويصلحون بصلاحهم وصلاح حزبهم مجتمعهم.

واصلاح النفس والمجتمع يعني بما لا يقبل الشك ان فيهم أخطاء وفي مجتمعهم أخطاء. والا كيف يُصلحون ما ليس فيه أخطاء؟

ليس كل خطأ جريمة غير مغفورة بل ان من يعمل يخطيء ويصيب، ويستمر يخطيء ويصيب، ومن حقه الواجب ان يخطيء لأنه يعمل، ومن واجبه الحق أن يعمل ويعمل ويعمل ولا يتخاذل حتى لو أخطأ . لا اصلاح الا بالعمل ، ولا استمرار لخطأ الا بالاهمال .

يجب أن نذكر دائماً أخطاءنا كما نذكر انجازاتنا ، فالاخطاء جزء من تاريخنا كالانجازات . وهذا من عظمة نهضتنا التي خرجت عن المألوف وعلى المألوف فأماتت بخروجها الطالح الفاسد وأبقت على الصالح السليم. ونسيان الأخطاء أو اهمالها أو نكرانها هو اهمال لتاريخنا ولا يجعلنا مؤهلين للقيام باي عملية تصحيح واصلاح .

وكانت الرفيقة العزيزة صوفي موفّقة أيضا حين قالت:” التغيير والإصلاح لا يتمان بتحركات من هنا وهناك. الإصلاح يتم بحركة واحدة لن تتحقق إلا عندما يعرف كل قومي اجتماعي ويؤمن أن عليه أن يعي، أن يقرر ثم أن يعمل.”

وأيضاً أقول حبذا لو أضافت الرفيقة صوفي في ختام عبارتها بعد كلمة “يعملعبارة ” في مؤسسات الحزب السوري القومي الاجتماعي ” لتصبح عبارتها الأخيرة :” الإصلاح يتم بحركة واحدة لن تتحقق إلا عندما يعرف كل قومي اجتماعي ويؤمن أن عليه أن يعي، أن يقرر ثم أن يعمل في مؤسسات الحزب السوري القومي الاجتماعي .” لكي لا يبقى العمل كيفما كان استنسابيا أو استذواقياً أو فوضوياً .

لقد تطوع المواطنون السوريون مختارين بارادتهم الواعية الحرة وانتسبوا الى الحزب السوري القومي الاجتماعي وأصبحوا قوميين اجتماعيين والتزموا بواجب الاصلاح فارتفع مستوى حريتهم بالوعيّ والالتزام من حرية اختيارية الى حرية واجبة، وانتهى عهدهم بالحرية الاختيارية وبدأ عهدهم بالحرية الواجبة . ولايخفى على الفهيم الفرق بين حرية اختيار من بين خيارات عدة تصل حدود الفوضى والتفلت من القيم الانسانية ، وبين حرية واجبة ملتزمة بنظام فكر ونهج يهدفان الى انتصار قيم الحق والخير والجمال للأمة وللبشربة .

الاصلاح يكون بالحرية والواجب والنظام والقوة

العقيدة بالمباديء والغاية صحيحة صالحة بالواقع والملموس . والحزب أيضا صحيح وصالح ولا يشك في ذلك الا كل مشكوك بنزاهته . والقوميون الاجتماعيون أصحاء وبغالبيتهم صالحون ولا يُستثنى منهم الا الأنانيون الشخصيون الذي انتسبوا الى الحزب ودخلوا في صفوفه ولم تدخل العقيدة والحزب فيهم ،ولم يوحّدوا ايمانهم في الحزب. وهؤلاء بالذات هم الذين ينادون باصلاح العقيدة ، واصلاح الحزب ليبعدوا أنفسهم عن الاصلاح. هم ينادون بفساد الحزب ليغطوا على الفساد الذي في نفوسهم . فلو قاموا بواجبهم ، وتحملوا مسؤليتهم، ومارسوا حريتهم في حزبهم، واحترموا نظامهم لكانوا الأقوياء الذين سارت وتسير بقوتهم وقوة رفقائهم  حركة النهضة الى النصر بأسرع ما يمكن تصوره . لكنهم لم يكتفوا باللهو على جوانب الطريق بل هم بارعون في انتهاز كل فرصة لعرقلة مسير العاملين وبلبلة أفكار المترددين .

لقد كان المعلم سعاده واضحاً في كلامه حين نشر مقاله ” الاصلاح الحقيقي ” في مجلة الشرق قائلاً لنفسه :”…فقت من سباتي الطويل وأنا مذعوراً وأنا أسمع وأصغي الى صوت ذاتيتي الداخلية التي كانت تقول بصوتٍ يتهدج من الغضب والحدة : قم يا رجل. قم يارجل واترك الاصلاح الحقيقي وغير الحقيقي لأنك لا تعرف لا هذا ولا ذاك!! انك تحاول الاصلاح عن طريق الكتابة والخيال لا عن طريقه الحقيقي . ان طريق الاصلاح في العمل ، في العمل ، في العمل لا في تشييد القصور في الهواء وتسويد الأوراق بالمداد . أنت الى الآن لم تُصلح نفسك ولاعلمت صالح نفسك فكيف تتمكن من اصلاح سـواك؟… عليك أن تُصلح نفسك أولاً ولكن بالعمل لا بالوهم وبعدئذ يمكنك أن تصلح سواك عن خبرة ومعرفة . قم الى العمل . قم الى اصلاح نفسك . … فتركت قلمي وأوراقي لساعتي وقمت أفتش عن العمل الذي يقرّبني من الاصلاح. ولو عمل كل من القراء الكرام عملي وفتشوا عن اصلاح نفوسهم بالعمل سوف لا نحتاج ان نكتب لهم في الاصلاح الحقيقي لأننا نكون جميعنا مصلحين .” من كتاب الآثار الكاملة ما قبل التأسيس 1921-1932

لقد كان توجيه المعلم سعاده للمقبلين على الدعوى القومية الاجتماعية واضحاً في توجهه الاصلاحي بالتمام حين قال : “ اننا نهضة سورية قومية اجتماعية من صميم قضايا الشعب وحياته وعزه، والذين يبحثون عن النهضة خارج نطاق النهضة القومية الاجتماعية قد ضلوا ابعد الضلال !

ايها الشباب ! لا تنتظروا الاصلاح بتغييرالاشكال ولا تطلبوا الاصلاح من الخارج .النهضة تبتديء في نفوسكم فادخلوا صفوف النهضة القومية الاجتماعية وابنوا نفوسكم فيها بناء جديدا فهي الاصلاح فعلاً ومقدرةً لا صياحاً وعجزا ! النهضة القومية الاجتماعية تقدّم وانتصار وعز !”

 

الاصلاح بالعمل القومي الاجتماعي

 

في الختام ، للرفيقين العزيزين صوفي نادر والدكتور عادل بشارة محبتي وتقديري وتحيتي على اهتمامهما بالاصلاح ، مع رجائي ان يكون الاصلاح بالعمل والانتاج والمناقبية والابداع وابتكار كل ما يجعل حركة نهضتنا في الحزب السوري القومي الاجتماعي أكثر تألقاً بمفاهيم نظرتنا الفلسفية الجديدة لتحقيق الحياة الجيدة الجديدة لأمتنا لتكون أمتنا قدوة للأمم في الصلاح والاصلاح ، وترسيخ عالم الحق والخير والجمال فيبقى قول المعلم سعاده فاعلاً في نفوسنا ودليلنا في الاصلاح :” إذا كان هذا العصر عصر تنازع الأمم ، فهو إذاً، عصر أعمال لا عصر أقوال .واذا كان لا بد من القول فيجب أن يكون مدعوماً بالقوة العملية ليكون من ورائه نفع أو نتيجة هيولية محسوسة . ونحن أمة واقفة الآن بين الموت والحياة ومصيرها متعلق بالخطة التي نرسمها لأنفسنا والاتجاه الذي نُعيِّنه” .

وقد رسم الزعيم لنا الخطة وعيَّن الاتجاه وهذا هو الدواء،وشفاءنا واصلاحنا وصلاحنا هو أن نكون قوميين اجتماعيين في الحزب السوري القومي الاجتماعي بالأفعال لا الأقوال ، فيترسخ الصلاح ويتم الاصلاح المنشود ” ولا يتم بتحركات من هنا وهناك ” كما قالت الرفيقة صوفي نادر .

فالعمل الاصلاحي المجدي والنافع هو في صفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي بانجازاته واخطائه. بنجاحاته وتعثراته. بانتصاراته وانكساراته.بانتاجات وابدعات مفكريه وعلمائه وفنانيه. بآلام وجراح أعضائه.بدموع زوجات وأبناء وأرامل وأيتام سجنائه وشهدائه. بسلسلة بطولات نسوره وأشباله . بنهر العطاء المتدفق فداءً وتضحيات دون عزاء . بمواقف عز وكرامة توقظ الخاملين، وتعيد الأمل لليائسين، وتُحرّك ضمائر الشرفاء المتقاعدين ، وتستنهض نفوس المستسلمين، وتعيد للأمة وجهها الحضاري الباسم بأشرف المواقف، وأنبل القيم، وأسمى المُـثُـل.

الرفيق يوسف المسمار

البرازيل – كوريتيبا في 30 /07 /2017

إقرأ أيضاً

Imensa e generosa obra do sociólogo e filosofo Antoun Saadeh

Imensa e generosa obra do sociólogo e filosofo Antoun Saadeh عمل عظيم وسخي للعالم الاجتماعي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *