سعادة لم يترك وصية لأفراد زائلين

 

سعاده لم يترك وصية أو وكالة لأفرادٍ زائلين

بل لحزب الأمة السورية الباقي

الهاربُ من الحق همُّه تبريرُ الهروب

 

قال سعاده في الهروبيين الهاربين من الحق والعدل ، والفارين من مسؤولية احترام نظام الحق والعدل في مقال له في الارجنتين نُشر في جريدة الزوبعة بتاريخ 19 تشرين الأول سنة 1943 كلاماً يجب ان يبقى دليلاً هادياً لكل رفيقة أو رفيق قومي اجتماعي فهم المباديء والغاية عقيدة قومية اجتماعية وآمن بها ، وعرف أهمية النظام القومي الاجتماعي الذي لا بديل عنه لتوحيد عمل وجهود ابناء العقيدة القومية الاجتماعية والتزم باحترامه واطاعته حتى ولو كان ضد نفسه الفردية الشخصية ، وأدرك بذاته الفردية المنفتحة على مجتمعه والمتحررة من قيود ” الأنا ” بمبدأ ” النحن ” ، واستيقظ فيه وجدانه الاجتماعي فتفتحت بصيرته القومية الاجتماعية لا الفردية الأنانية الانعزالية الذاهبة بذهاب الافراد ورحيلهم وزوالهم الخصوصي والدائمة بنفتاحها القومي الاجتماعي الباقي ، فاتحد بمجتمع امته بشكل لا انفصال بعده ، ووحّد نفسه بقضية حزب نهضة الأمة فاستهان بكل ما يتعلق براحته كفرد أناني لا محالة زائل ، واستوعب أن المناقب الأخلاقية القومية الاجتماعية الجديدة هي أهم ما قدّمه حزب نظام الفكر والنهج فكان قول سعاده في الهاربين من نظام الفكر والنهج القوميين الاجتماعيين فوق كل كلام حين قال :

الهاربون من الحق والعدل كلهم لهم خطة واحدة ، وسلوك واحد هو الابتعاد عن نقطة الجريمة في كل طريق يلوح للهارب انها تساعده على اخفاء الموضوع، والتواري عن نظر التحقيق وعين العدل.

والحق والعدل لهما خطة واحدة في تعقب المجرمين هي الاتيان بالدليل تلو الدليل واظهار الحقيقة بنور الأدلة القاطعة التي لا تدفعها التأويلات الملتوية.

وانه ليس هيّناً عندي وعند النظام القومي الذي يربطنا في الحق والواجب ظلم أحد أو خسارة رفيق مخلص ، غيور، مفيد . فلا يُطرد من الحزب بخفة او لغير أسباب موجبة مهما كان وضيعاً او رفيعاً. ولا يشهّر أحد ، لا ضرر من ترك أمره مستوراً .

وكما أنه لا خفة عندنا في النظر في الأفراد المرتبطين بنظامنا وعقيدتنا، كذلك نود أن لا نرى خفة في تقدير الأفراد لرابطتهم في المنظمة.

ولا يجوز التسرع في الحكم على ما ظهر من طرد وغيره بدون معرفة الأسباب، وبدون اقرار ان أصحاب المسؤوليات لهم تقدير في الأمور غير تقدير الخالين من المسؤولية . “

وقال الزعيم أيضاً في مقال له نشر في جريدة الزوبعة أيضاً في العدد 79 في 12 آب سنة 1944 :

” الأمة لا يمكن أن توجد إلا بمناقب الثقة والاخلاص والأمانة . والتعاليم القومية الاجتماعية التي جاء بها سعاده تنفض جميع الحكم والتعاليم المنافية لوحدة الأمة وثقة القوميين الاجتماعيين بعضهم ببعض في جميع أعمالهم وتصرفاتهم .

فالحركة السورية القومية الاجتماعية تقوم على مبدأ الثقة لا على مبادىء الشك والخيانة والغدر، ونظامُها يكفل جعل الثقة عقيدةً راسخة، وما من أحد عمل بهذا النظام الا كان آمناً على حقه وحق غيره . وما من حالة خرج فيها بعض القوميين عن النظام ومبدأ الثقة المجموعية الا واضطرب فيها حبل الأمانة وضاع الحق الصحيح في تيارات الأهواء الفردية والمآرب الخصوصية والادعاءات الشخصية “

فيا رفيقاتي ورفقائي الأعزاء القوميين الاجتماعيين في الوطن وعبر الحدود اياكم اياكم اياكم أن تنسوا ما قاله زعيمنا في خطابه المنهاجي الأول في أول حزيران سنة 1935 منأن مبادئنا القومية الاجتماعية قد كفلت توحيد اتجاهنا ، ونظامُنا قد كفل عملنا في هذا الاتجاه

فمعلنا سعاده هو واضع المباديء القومية الاجتماعية وهو نفسه واضع النظام القومي الاجتماعي .وكما يكون الاستخفاف بالمباديء استخفافاً بالنظام ، فان العبث بالنظام يكون عبثاً بالمباديء . وفوق ذلك يكون استخفاف وشكّ بأهلية واضع العقيدة الذي وضع نظاماً يتناسب مع أهمية العقيدة وكفيلاً بتحقيق مبادئها ولا مهرب من العمل به لتبقى طهارة العقيدة فاعلة في نفوس أبناء الحياة .

والمناقبية الأخلاقية القومية الاجتماعية هي فقط سلوك العمل لتحقيق المباديء القومية الاجتماعية بنظام قومي اجتماعي . وهذا لا يتحقق الا بتوحيد نفوس الرفيقات والرفقاء في الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أسسه سعاده وقال عنه لحظة استشهاده :

لقد أتممت رسالتي وأختمها بدمي … انا أموت اما حزبي فباق ” ولم يقل أبداً عن أي ” حزب انتفاضة ” ، ولا قال عن أي ” حزب كيان من كيانات الأمة “، ولاعن أي ” تنظيم قام به بعض القوميين الذين خرجواعن النظام في حلقة من الحلقات“، ولا قال أو توقع ان تتحقق نهضة الأمة في” تكتل فئوي يقوم به أفراد ” توهموا أنهم أصبحوا أكبرمن واضع العقيدة   وواضع النظام ومؤسس حزب النهضة ، وأصابهم مرض الشكوك فاضطربوا وهاجت في نفوسهم الأهواء الخصوصية ، والنزعات الفردية الموروثة من عهود الانحطاط الغابرة .

الحزب القومي الاجتماعي قام على تعاقد ثنائي

لقد أقسم كل واحد منا اليمين وانتسب الى الحزب السوري القومي الاجتماعي بمفرده بعد ان اقتنع بصحة وصلاح مبادئه وغايته ونظامه لتحقيق نهضة الأمة ، ولم ننتسب مجموعات كالازلام يقودها ذوو مكانة اقطاعية أو طائفية أوملية أو مؤسسة مالية ، ولا ذوو نفوذ مستمد من ارادة اجنبية عدوانية على أمتنا. فاذ كان لا يزال في نفس اي رفيقة منا او رفيق بقية من مناقبية عقائدية قومية اجتماعية، وشيئ يسيرمن احترامنا لذواتنا كأفراد ولذاتنا العامة كأمة ، واذا كان لا يزال عندنا ثقة بصلاح المبدأ العام القومي الاجتماعي الذي لم يجد سعاده أفضل منه للنهوض بأمتنا التي تواجه حالة خطيرة هي ما بين الموت والحياة، فليراجع كل واحد من رفقاء العقيدة نفسه بوعيه القومي الاجتماعي ويختار الطريق الأصوب ، لأنه ليس أمام الواحد منا الا أحد طريقين: طريق المراجعة والتراجع عن الخطوات الخاطئة التي خطاها حين خرج فيها عن :”حالة النظام ومبدأ الثقة “ بالعقيدة والنظام والحزب والرفيقات والرفقاء كما قال سعاده ، أو طريق الخروج   من الحزب بمفرده كما انتسب بمفرده ولا يكون في ذلك الا محط احترام وتقدير جميع الرفقاء والرفيقات .

الحزب وحّد بين القضية والنظام

لقد وضع سعاده عقيدة هي ليست أكثر من فكرة تدون في كتاب وتوضع على الرف ان لم تتجسم وتتمظهر في حركة نظامية تنمو ، ووضع نظام نهج فكري عقائدي لا يختلف عن حلم يقظة يسرح به الخيال في أجواء المنى التي ليست الا بضائع الموت التي يتلذذ بها الأحياء الأموات . فاذا انفصلت الفكرة عن حركة نظام الحياة النامية تحولت الى غبار من خواطر الذكريات المخدرة لنفوس العاجزين القانطين المقعدين ، وتحول النظام الذي لا ينهض بالحياة الى طفرة جماهيرية تحركها رياح الأهازيج وخبط احتضار ذبائح الجزارين.

ان سعادة لم يضع فكرة ميتة بلا حركة ولا حركة فارغة بدون فكرة بل قال عن الحزب الذي اسس : “ انه فكرة وحركة تتناولان حياة الأمة بأسرها ” وهذا يعني أنه وضع فكراً حركياً نظامياً ، ونظاماً فكرياً عقائديا هادفاً الى تحقيق أمر عظيم هو نهضة أمة توهّم المتوهمون أنها قضت وابيدت ولا قيامة لها أبداً. فمن يرى نفسه فوق هذا النظام البديع هو مقصّر عن فهم حقيقة العقيدة القومية الاجتماعية ولا يخبط الا خبط عشواء . ومن تكبّله القوانين التي فقدت روح النهوض يظل عبد القيود الى ان يداهمه موعد الرحيل فيذهب مسجى الى مكب الأجساد التي لا قيمة لها . وقد عبّر سعاده عن هذه الحالة ببلاغة تامة في قوله :

نحن جماعة لم تفضل يوماً ان تترك عقيدتها واخلاقها لتنقذ جسداً بالياً لا قيمة له .”                                             

فتجييش الرفقاء على عدم احترام النظام خيانة وجريمة لا تؤدي الا الى عدم احترام العقيدة والنظام والغاية وتجعل الافراد المروجين لعدم احترام العقيدة أوالنظام في موضع الريبة والشك بوعيهم وبفهمهم لمقاصد الحزب الكبرى ،وأعطاء صورة مضطربة أمام أبناء الأمة والعودة بهم الى عهود التشوش والبلبلة والضياع والخمول .

فعدم احترام العقيدة والنظام هو السقوط النفسي والفكري والاخلاقي الذي يؤدي بصاحبه الى ارتكاب الخيانة والجريمة أي خيانة العقيدة وخيانة النظام والتقهقر من رقيّ المبدأ العام الى حضيض مبدأ النزعة الفردية الأنانية الخانقة الخاص . ويؤدي الى الجريمة بحق الأمة السورية الطبيعية التي لم يبق في هذا الزمن لا في داخلها ولا في خارجها من يعمل لوحدتها ونهضتها ومستقبلها وطناً كاملاً وأمة تامة ويجاهر بقوة بعمله وجهاده الا الحزب السوري القومي الاجتماعي .

لقد كان سعاده واضحا في اعلانه وجوب احترام القضية القومية الاجتماعية واحترام النظام القومي الاجتماعي في قوله :

إنّي متكبّر على كلّ متكبّر على القضيّة والحركة والنظام . ومن ظنّ منهم أنّ رأسه بين النجوم فليعلم أنّي أرى النجوم مواطئ لقدمي. أمّا الّذي يترك الكبرياء ويحسب نفسه صغيرًا بالنسبة إلى القضيّة المقدّسة والعمل العظيم الّذي وقفنا نفوسنا عليه فهذا أخي وصديقي ورفيقي ”

 

 

سعاده لم يترك وصية الا للحزب الذي أسسه

إن سعاده لم يترك وصية لأحد من الرفيقات والرفقاء ولا لبناته بوراثة العقيدة القومية الاجتماعية والنظام القومي الاجتماعي، بل ان وصيته في كل ما قال وما كتب وخطب وحاضر وتصرف وعمل وجاهد وضحى كانت وصيته أن يوحّد تلامذته وجودهم وحياتهم ومصيرهم في الحزب السوري القومي الاجتماعي ، وكذلك لم يترك وكالة لأحد من القوميين أمينا أو أمينة ، رفيقاً أو رفيقة ، ولم يسمح لأي عضو في الحزب باغتصاب وكالة كما فعل رجال الدين المسيحي والمحمدي بادعاء الحصول على وكالة حصرية من السيد المسيح والنبي محمد للنيابة عن هذين العظيمين بحيث يسمح الوكلاء لأنفسهم أن يتكلموا باسم الخالق العظيم ويجييروا بعض الصلاحيات التي ادعوها الى أبنائهم وبناتهم والمقربين منهم والمأمورين بأوامرهم ومن يجدونه نافعاً لتمرير مآربهم . فلا ابن الرفيق هو رفيق ورث عن أبيه شرف الرفقة في الحزب ، ولا ابن الأمين هو أمين ورث عن أبيه رتبة الأمانة ليقدّم في المرتبة على الرفقاء الملتزمين بعقيدة الحزب ونظامه ورقيّ توجهه ونضاله. فابن الرفيق أو الأمين مواطن كغيره من المواطنين ،وكما يهتم الحزب بتوعية المواطنين دون استثناء يهتم أيضاً ببنات وأبناء الرفقاء والأمناء من اجل أن ينتسبوا الى الحزب وينخرطوا في حركة العاملين المنتجين لتحقيق مباديء النهضة السورية القومية ىالاجتماعية .

وتحضرني مرّة طلب فيها الرفيق فريد نبتي مذيعاً لحلقة اذاعية لمجموعة من الطالبات من بينهن راغدة ابنة الزعيم وحنان قبرصي ابنة الأمين عبدالله قبرصي حصلت في غرفته في الجامعة الأميركية باعتباره كان ناظراً في القسم الداخلي في الجامعة . وقد حضرت لتأمين الحلقة الاذاعية كالعادة باسم مستعار، ولم يكن عمري أكبر من الطالبات الحاضرات الا قليلاً . ويظهر أن عمري كان سببا لابداء شيء من عدم التهيّب على اعتبار ان الحاضرات كن ينتظرن مذيعاً محاضرا في عمر اساتذتهن في الجامعة .فعندما بدات بالتعرف عليهن وطلب معرفة اسم كل واحدة منهن ووصلت الى الطالبة حنان ابنة الأمين عبدالله قبرصي قالت لي بشيء من الفخروالاعتزاز : ” انت لا تعرف بنت من أكون ” فقال الرفيق فريد نبتي : ” انها حنان بنت الأمين عبدالله قبرصي “ . والحقيقة اننا كنا لا نذهب الى حلقة الا بعد معرفة اسماء جميع الحاضرين وهو تدبير لكي نتجنب اي وقوع في فخ المخابرات اللبنانية . كانت كلمة حنان هي موضوع الحلقة الاذاعية عندما بدأت محاضرتي متوجهاً اليها بهذا الكلام :

نحن ياعزيزتي في الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يهمّنا بنت من تكونين بل يهمّنا من أنت. ماهي شخصيتك ؟ ماذا تفعلين ؟ ماذا تنتجين ؟ ماذا تبدعين ؟ ماذا يمكن أن تقدمين لحزب النهضة ؟ بماذا يمكنك أن تخدمي القضية القومية الاجتماعية ؟ فابناء الرفيق ليسوا رفقاء الا اذا استوعبوا وفهموا مباديء الحزب وغايته وأقسموا أن يكونوا رفقاء. وأبناء الأمناء ليسوا أمناء ولا حتى رفقاء الا اذا أقسموا وصاروا رفقاء وصاروا أمناء . وفوق ذلك أقول : ليست بنت الزعيم زعيمة وليست بنت الرئيس أو العميد رئيسة أو عميدة الا اذا انتسبت الى الحزب وتوصلت بجهودها الى حمل مسؤولية الرئاسة او العمدة في حزب نظامه يقوم على قواعد حيوية تأخذ الأفراد رفيقات ورفقاء الى النظام وتسمح لهم بالنمو والتطور بحسب قدراتهم وكفاءاتهم ومواهبهم لتحمّل المسؤوليات الكبيرة دون تفضيل رفيق على رفيقة او رفيقة على رفيق الى بحسب الامكانية والكفاءة . فالزعيم لا ترث زعامته ابنته في حزبنا . فقط تستطيع ان ترث عقاراً من أملاكه أو مالاً من أمواله أو بيتاً أو شقة اذا كان يملك بيتا او شقة . لقد اتى سعاده بنظرة جديدة ورسالة جديدة وتعاليم جديدة هي غير كل النظرات وغير كل الرسالات وغير كل التعاليم المعهودة وكان قوله واضحا فصيحا بليغا حين قال في محاضرته الثانية : ” ان سياسة الحزب تتجه الى الاعتماد على القوة الحقيقية قوة السواعد والقلوب والادمغة لا على قوة المكانة “وقال أيضاً : “اذا كان القوميون الاجتماعيون ضعفاء وقيتهم بنفسي وجسدي،واذا كانوا جباء أقصيتهم عني ، واذا كانوا أقوياء سرت بهم الى النصر ” .فزعيمنا ايتها العزيزات كان قويأً في عقله وفي دماغه وفي قلبه وفي وجدانه وفي ساعده ولم يتغنى بقوة والده ،ويريدنا ان نكون مثله اقوياء أصحاء فاعلين لنستطيع تغيير وجه التاريخ هذه هي مدرسة الحياة الجديدة ، مدرسة الحزب السوري القومي الاجتماعي ”

كان هذا الكلام الذي قلته في تلك الحلقة الاذاعية التثقيفية كافيا لخلق جو من الاحترام والتقدير .

 

القومية الاجتماعية عقيدة ونظام

 

فالرفيق الرفيق يبقى رفيقاً طالما هو ملتزم بحريته وارادته بالعقيدة والنظام في الحزب ،ولم يُكره على هذا الالتزام  إكراهاً .والأمين الأمين يستمر أمينا ً ما دام لا يخلّ ولا يقصّر في تحمل تبعات الامانة التي جعلته جديراً بأن يكون أميناً.

والحزب السوري القومي الاجتماعي ليس جمهرة من الأمناء والرفقاء يستطيعون أن يفعلوا بحزب النهضة ما يحلو لهم وما يستذوقون فيتمردون على نظام الفكر والنهج حيناً ، وينتفضون حيناً آخر ، ويتخلون عن واجباتهم والتزامتهم بحسب ما يستمزجون ،ويبتعدون عن التحلي بالمناقبية الاخلاقية القومية الاجتناعية كلما خطرت لهم فكرة ، بل هم رفقاء وأمناء لأنهم يمارسون حقوقهم ويقومون بواجباتهم ويتحملون مسؤولياتهم في مؤسسات الحزب وليس خارج الحزب في الأزقة .

والحزب السوري القومي الاجتماعي لم يقدّم وعوداً لأحد بأن يجعله ذا مرتبة عليا فيه أو يرفعه الى منصب كبير لأن المنصب الكبير في الحزب هو كون الرفيق المنتسب الى الحزب رفيقاً وهذه هي المسؤولية الكبيرة التي وضعها المنتسب على نفسه مختاراً وحمّلته اياها العقيدة القومية الاجتماعية والنظام القومي الاجتماعي عندما أصبح رفيقاً عاملاً منتجاً مبدعاً في حركة الحزب لتحقيق نهضة الأمة وحقها وخيرها وجمالها .

وهذ الحزب العظيم لم يجبر أحداً من اعضائه على الانتساب اليه ولم يُكره أحداً على البقاء فيه ، بل هو فخور بأن من انتسب اليه وينتسب وسينتسب مستقبلاً لا يحصل الا بوعيّ العقيدة ومعرفة مبادئها وغايتها والالتزام بقضية نهضة الأمة العظيمة التي في انتصارها منتهى رفاه الأفراد والمجتمع في تعاقب أجيال الأمة .

وهذا الحزب أيضا هو فخور لأنه لا يكره أحدا من أعضائه على البقاء فيه عندما تفتر ههمته ويتراجع عن قسمه أو يصبح عالة على نفسه وعلى الحزب فيخرج أو يُخرج من صفوف الحزب بغير آسف الا على أصحاب الاخلاق النبيلة العالية . فكما دخل كل فرد بارادته وبتعاقد ثنائي ، يخرج كل فرد بارادته بفسخ العقد الثنائي من قبله    او بفسخ العقد من قبل الحزب حين يجد الحزب ذلك موجباً .

الحنث باليمين موجب للطرد

أما بالنسبة لفسخ العقد الثنائي واخراج العضو أو طرده من الحزب فقد عيّن الزعيم ذلك وربط السبب بالحنث باليمين في مقاله في جريدة الزوبعة في العدد 65 في 1 أيلول سنة 1943 حيث قال :     لا حجة لمن يحنث بيمينه في الحزب السوري القومي غير ضعف الاخلاق والاستهزاء بالقيم المناقبية،ولاعذر له غير الجهل وفقد الادراك. ففي الحزب السوري القومي الاجتماعي شرع يضمن لكل فرد حقه كفرد في النظام والعمل والرأي . ولكل فرد يحسب نفسه مظلوماً في أمر من أن يطلب المحاكمة العلنية اذا لم تجر محاكمة علنية لأغلاطه. فيكون أمينا على أن قضيته لا يبت فيها بالخفاء بطرق لا يقرها المجموع . ولكن الذي ينظر في قضيته أمام نحو ستين أو ثلاثين عضواً من رفقائه او أمام أكثر أو أقل من هذا العدد، على نسبة اتساع البيئة، وتصدر في حقه الأحكام المبينة أغلاطه القانونية والقاضية بفرض قصاص محتمل عليه، ثم يثور ثائره، لأن أنانيته تأبى الا أن تكون فوق أهوائه على اتباع النظام والحق ، أي شيء يمكن أن يقال فيه أقل من وصفه بضعف الأخلاق،والعبث بحرمة المبادىء العامة، وخيانة الحركة ونظامها وأهدافها ؟ “

ألا تكفي أمور ضعف الأخلاق ، والعبث بحرمة المباديء العامة ، وخيانة الحركة ونظامها واهدافها لفسخ العقد بين المنظمة السورية القومية الاجتماعية وبين من ضعفت أخلاقه وعبث بحرمة المباديء وخان الحركة ونظامها وأهدافها وراح يندد بالحزب ويبث الشائعات مصورة له أوهامه : ” أن بنيان الحزب انهار وتحول من قاعدة انطلاق إلى وكر للفساد واللصوصية في جناح منه، وحلقات ذكرٍ وترحمٍ في جناح ، وقوقعة وانعزال في جناح آخر ،وأن أعضاؤه مستسلمون ومتعايشون مع الفساد واللصوصية وحلقات الذكر والقوقعة والانعزال ! وأن الحزب عند بعضهم قد مات ” وهم يحضّرون أنفسهم بعبقرياتهم الخارقة لتأسيس حزبٍ جديد لا فساد فيه، ولا لصوصية، ولا حلقات ذكر، ولا قوقعة، ولا انعزال ويتجاوز نظرة أنطون سعاده فكراً ونظاما ونهجاً وبطولة ،وينقل الأمة دفعة واحدة بمفتاج التحكم   ( الكنترول ) الى “ ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر “.

أيها الرفيقات والرفقاء الأعزاء في الوطن وعبر الحدود               يا بنات وأبناء الحياة أينما كنتم وحيثما تواجدتم                             الحياة تناديكم فاسمعوا نداءها وعوا ،فنداؤها نداء الحق يقهر كل باطل وصوتها صوت العدل يبدد كل ظلم .

الحياة تقول لكم: يا بناتي ويا أبنائي لا معنى لهذا الوجود الابالنهضة، ولا قيمة للنهضة الا بالموقف،ولا جدوى من موقف الا اذا كان قاعدة انطلاق لحياة أعز،وقاعدة انطلاقكم العزيز هو وقفة عز زعيمكم الذي اسس حزبكم وتركه ارثاً عزيزاً دائماً للاجيال ، فلم يترك وصية أو وكالة لأفرادٍ زائلين يخوّلهم ميراث العقيدة والنظام بل ان الوصية الوحيدة هي لحزب نهضة الأمة السورية ، الحزب السوري القومي الاجتماعي المركزي الذي أسس .                                  

وسعاده نفسه قالها أن واضع التعاليم القومية الاجتماعية لم يترك وكالة للنيابة عنه والقيام مقامه لا لمسؤول فيه ، ولا لإبن مسؤول . و لا لرفيق وابن رفيق ، ولا لأمين وابن أمين ،ولا لمجموعة رفقاء وأمناء تجمعوا في ندوة من الندوات ، بل الوكالة الحصرية الوحيدة والمطلقة هي للحزب السوري القومي الاجتماعي المركزي بكل مؤسساته الذي قال عنه مؤسسه سعاده في محاضرته الثانية في الندوة الثقافية في 18 كانون الثاني سنة 1948 أن الحزب القومي الاجتماعي ” لأكثر من جمعية تضم عددا من الأعضاء،أو حلقة وجدت لفئة من الناس أو من الشباب. انه فكرة وحركة تتناولان حياة أمة بأسرها ، انه تجدد أمة توهم المتوهمون أنها قضت الى الأبد…

هذا هو الحزب السوري القومي الاجتماعي للذين وحّدوا ايمانهم وعقائدهم فيه ، هذا هو الحزب السوري القومي الاجتماعي للذين وحّدوا قوتهم فيه ،هذا هو الحزب السوري القومي الاجتماعي للأمة السورية ”             هذا هو الحزب السوري القومي الاجتماعي المركزي الذي منحه سعاده وكالة حصرية لينوب عنه بعد استشاهده ولم يمنح هذه الوكالة لا لقريب ولا لبعيد . لا من الداخل ولا من الخارج .

الرأيّ شيء والحكم شيء آخر

لقد ارتكب الخطأ اكثر الذين انتفضوا على الحزب ونظامه أو تمردوا أو انكفأوا أو انعزلوأ أو تقاعدو أو وقفوا على الحياد بين النظام والخروج على النظام من ألأمناء والرفقاء لأنهم خلطوا بين الرأي والحكم وكان خلطهم بين الرأي والحكم علة العلل وسبب كل الصعاب والعراقيل التي واجهها الحزب في مسيرته ، ولا يزال هذا الخلط بين الرأي واصدار الحكم هو العقبة التي تعرقل وتأخر مسيرة الحزب وتجعل مسيرته بطيئة ولا ينجو من هذا الخلط كل من شارك فيه من أمناء ورفقاء منذ حدوث الانتفاضة برئاسة الرئيس الأسبق الأمين جورج عبد المسيح حتى الانتفاضة التي تراسها ابو واجب الرفيق وسيم زين الدين ومشاركة الأمين الياس جرجي قنيزح فيها مرورا بالانتفاضة الثالثة التي ترأسها الأمين الياس جرجي وتسلم رئاستها خلفاً له الأمين عصام المحايري مخالفاً بذلك توصيات وقرار المندوبية المركزية في البرازيل الذي عقد برئاسته في برازيليا وكنت ناموساً له والذي حضره مئة رفيق ورفيق أذكر منهم الأمين ألبرتو شكور والأمين نواف حردان وألأمين ابراهيم حنا الخوري وعدد من الرفقاء منهم رحل ومنهم من لا يزال على قيد الحياة. من الذين رحلوا الرفقاء الأمناء الثلاثة المذكورين والرفقاء عبدالله كوزاك ، يحي القدور ، علم الدين شروف ، حنا الحجار ، جورج فهد محمد سلطانة ، جورج غازي ، نقولا صليبا ، سمعان صوابيني ، كريم موسى , جورج حداد، خليل مسوح ، أكرم بشور … وغيرهم ، ومن الذين لا يزالون أحياء الرفقاء : محسن نقولا ، صدقي سعد ، الدكتورة كلود فهد الحجار ، سليمان يعقوب . وقد نصت توصيات المؤتمر في البيان الختامي على وجوب اتصال المندوبية المركزية في اميركا اللاتينية برئاسة الحزب المركزي والاتصال بالطرف المنشق الذي يرأسه الأمين الياس جرجي قنيزح والوقوف على الحياد بعض الوقت الى حين انجلاء الأمور وكلّفت يومها من قبل رئاسة المؤتمر بالذهاب الى لبنان وحمل البيان الختامي الى بيروت والاجتماع برئيس الحزب آنذاك الأمين انعام رعد في مركز الحزب في فردان . واذكر انه في نهاية اللقاء دخل الرفيق مروان فارس الى مكتب الرئيس وفي يده بعض الأوراق فوقف الرئيس انعام رعد وقال لي سأعرفك على الرفيق النشيط مروان فارس (الأمين حالياً) وكان اول لقاء تعارف مع الأمين مروان ولا أدري اذا كان الأمين مروان يذكر ذلك أو لا يذكر.

لقد أخطأ أيضاً الأمين عصام المحايري وأخطأ الذين تجمهروا معه وأسسوا التنظيم الكياني الشامي على غرار ما حاول فعله المتلبننون في عهد سعاده حين كان في مغتربه القسري وكل ذلك كان بسبب الخلط بين الاقتراح او الرأي الفردي الذي يجعل كل عضو من أعضاء الحزب قاضيا مطلقاً مختصراً لكيان الحزب عقيدة ونظاماً وقضاء وحكماً مبرما لا رد له ولا اعتراض عليه مستهتراً بكل المؤسسات النظامية التي من حقها وحدها ان تنطق بالحكم .

نداء الى بنات وأبناء الحياة

أيها الرفقاء والرفيقات

يا أبناء وبنات الحياة

البطولة لا تكون بالهروب من تحمّل المسوؤلية بل كما قال سعاده : ” بالخروج من حالة عفنة لا نظام فيها ولا قوة ، الى حالة صحيحة عنوانها النظام وشعارها القوة ، القوة الممثلة في الحزب السوري القومي الاجتماعي

فالى الحزب السوري القومي الاجتماعي المركزي الذي أسسه سعاده أيها الواعون المؤمنون بالعقيدة القومية الاجتماعية والنظام القومي الاجتماعي .

ان سعاده ما أسس وكر فساد ، وحلقات ذكر، ودهاليز تقوقع كما يقول الهروبيون، بل سعاده أصاب في وضعه العقيدة وتأسيسه الحزب. والهروبيون هم الذين حنثوا بقسمهم واستخفوا بالنظام فكان استخفافهم بالعقيدة أيضاً . وعلة العراقيل التي واجهها الحزب الكبرى لم تكن من خارج الحزب بل من الذين استهانوا بقسمهم ولم يحترموا النظام مهما برروا واستعانوا بالذرائع انهم يعملون للعقيدة لأن العقيدة القومية الاجتماعية لا تتحقق الا بالنظام. وكلام سعاده درس مفيد لكل من يريد ان يخرج من حالة التخبط التخبط والفوضى الى حالة الجلاء والنظام في قوله “إن القوة النظامية مهما كانت صغيرة، أفعل بكثير من الجماهير التي لا تجمعها إرادة واحدة في الحياة، ونفسية واحدة، وبناء مناقبي واحد ” وقد وضع لنا وسيلة الخروج من التخبط في قوله السديد في كتابه الى الرفيق الأب مخايل ذبية الذي يعود تاريخه الىى 19 تشرين الثاني سنة 1949 والذي قال فيه: ” وليس شيء أحب الى قلبي من سلوك طريق التفاهم، التي يدل تاريخ حزبنا على أنها القاعدة الأساسية التي اتخذتها وسألت رفقائي اتخاذها. ولكن موقفنا كان موقف المضطر لا المختار.. وعملاً بهذه القاعدة- قاعدة التفاهم- أطلب منك، يا رفيقي العزيز، أن تتروى في انتقاداتك وأن تتوخى التفاهم لا الاقتناع بالاستنتاجات الخصوصية والوصول الى بناء أحكام سريعة عليها . وقبل أن نطلب التفاهم مع الذين خارج الحركة يجب أن نتفاهم وأن يكون تفاهمنا تاماً داخل الحركة. ولذلك أحب أن أراك تستعمل الصبر والروية والحزم تجاه ما تراه وتسمعه في داخل الحركة، كما في خارجها وأن تتخذ، قبل كل شيء، قاعدة أن الرأي رأي لا حكم . وطريقة ابداء الرأي هي غير طريقة لفظ الحكم. ”                                                  

ايتها الرفيقات والرفقاء

يا رفقاء حياة العز تقدّموا ووحّدوا ايمانكم وعقائدكم وقوتكم وجهودكم وعملكم وانتاجكم وابداعكم وبطولتكم في الحزب السوري القومي الاجتماعي المركزي الوحيد الذي أسسه سعاده على اساس التعاقد الثنائي وليس في التنظيمات التي أسسها الخارجون من حزب سعاده على اساس تكتلات فئوية تجمهرية تذهب رياحها بتكتلات فئوية تجمهرية أكبر .

الحزب السوري القومي الاجتماعي عقيدة سورية قومية اجتماعية ونظام سوري قومي اجتماعية، فمن آمن بالعقيدة وعمل بالنظام فهو السائر على طريق الصراع السوري القومي الاجتماعي لتحقيق نهضة الأمة السورية . وليس المؤمن بفرد أمين أو رفيق أو ابن أمين او أبن رفيق والعامل بآرائهم الفردية الخصوصية هو من يستطيع أن يكون من أبناء حياة النهضة السورية القومية الاجتماعية .

إن أفضل ما أختم به هذا المقال هو مقطع من خطاب المعلم سعاده في الأول من آذار سنة 1942 في الأرجنتين الذي قال فيه :

إن الحزب السوري القومي لا يعتمد، في إيمانه بنجاح قضيته المقدسة، على أساس الأفراد ورضاهم، بل على العقيدة وحدها. إن الإشخاص يجيئون ويذهبون ويتبدلون ولكن العقيدة هي الأساس الراسخ، الثابت على الأيام والسنين والعقود والأجيال. وإن العقيدة السورية القومية والنظام السوري القومي، اللذين قد أصبحا قبلة أنظار الشعب السوري، لا يمكن ولا يجوز أن توضع قيمتهما في محل قيمة الأفراد. ولا يمكن ولا يجوز أن يكون الأفراد محكاً لهما، بل يمكن ويجب أن يكون العكس أي أن يكونا هما محكاً للأفراد. فحين الاختيار بين العقيدة والنظام من جهة وفرد أو أفراد من جهة أخرى نحن لا نتردد في التمسك بالعقيدة والنظام وترك الأفراد لمصيرهم“.

أيها الرفقاء والرفيقات الاعزاء

باحترام كلام سعاده الحكيم ، والعمل به، وبممارسة البطولة الواعية ،لا بسماع نقيق المبوقين الأنانيين الحقودين الحانثين بيمينهم تتحقق نهضة الأمة وتكون بنهضتها جديرة بتصويب مسار الحضارة الانسانية التي ترفع من شأن أمتنا التي تقيم الحق والعدل وتنصر قيم المحبة والرحمة وعلاقات الود والتعاون بين جميع الأمم معبّرة أصدق تعبير عن روح تعاليم حركة الحزب السوري القومي الاجتماعي.

الرفيق يوسف المسمار

البرازيل في 11 /12 2018

 

إقرأ أيضاً

Imensa e generosa obra do sociólogo e filosofo Antoun Saadeh

Imensa e generosa obra do sociólogo e filosofo Antoun Saadeh عمل عظيم وسخي للعالم الاجتماعي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *